عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٢٩
بيناه من ان النسخ تابع للمصلى يسقط جميع ذلك ويعارض قوله تعالى ما ننسخ من اية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها لان هذه الآية تدل على ما يأتي به أشق من الأول أو في حكم الأشق حتى يصح أن يكون خيرا منها ولم يمنع ذلك من جواز نسخ الشئ بأخف منه فكذلك القول فيما تعلقوا به من الآية واما البداء فحقيقته في اللغة هو الظهور ولذلك يقال بدا لنا سور المدينة وبدا لنا وجه الرأي وقال الله تعالى وبدا لهم سيئات ما عملوا وبدا لهم سيئات ما كسبوا ويراد بذلك كل ظهر وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد ان لم يكن حاصلا وكذلك في الظن فاما إذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز اطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز فاما ما من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه ويكون اطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين عليهما السلام (وهما امام محمد باقر وامام جعفر الصادق (ع)) من الاخبار المتضمنة لإضافة البداء إلى الله تعالى دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن يكن ويكون وجه اطلاق ذلك فيه تعالى والتشبيه هو انه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا لهم ويحصل لهم العلم به بعد ان لم يكن حاصلا لهم اطلق على ذلك لفظ البداء وذكر سيدنا الاجل المرتضى قدس الله روحه وجها اخر في ذلك وهو ان قال يمكن حمل ذلك على حقيقته بأن يقال بداله تعالى بمعنى انه ظهر له من الامر ما لم يكن ظاهرا له وبدا من النهى ما لم يكن ظاهرا له لان قبل وجود الامر والنهى لا يكونان ظاهرين مدركين وانما يعلم انه يأمر أو ينهى في المستقبل فاما كونه آمرا أو ناهيا فلا يصح ان يعلمه الا إذا وجد الامر والنهى وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم بان نحمله على ان المراد به حتى نعلم جهادكم موجودا موجودا لان قبل وجود الجهاد موجودا وانما نعلم كذلك بعد حصوله فكذلك القول في البداء وهذا وجه حسن جدا واما ما لا يجوز اطلاقه عليه تعالى هو أن يأمر تعالى المكلف بنفس ما نهاه عنه على الوجه الذي نهى عنه في الوقت الذي نهاه عنه وانما شرطنا هذه الوجوه كلها لان المنهى عنه لو كان غير المأمور به لم يمتنع ان تقتضي المصلحة الامر به والنهى عن مثله فكان لا مدخل له في البداء ولان النهى لم تعلق به على غير الوجه الذي تناوله الامر كان حسنا نحو ان يأمر الله بالصلاة على وجه العبادة له تعالى وينهى عنها على وجه العبادة للشيطان وانما شرطنا الوقت الواحد لان المأمور به في وقت لو نفى عنه في وقت اخر وصح وقوعه لكان ذلك حسنا في الحكمة كما يصح ان يحسن من الله فعل الجسم في بعض الأوقات وان كان لو فعله بعينه في وقت اخر وقد أفناه لم يمتنع أن يكون قبيحا وانما يقبح ذلك لا لأنه يدل على البداء لكن لأنه تكليف ما لا يطاق لان ما يصح ان نفعله في وقت لا يصح ان نفعله في وقت اخر لاختصاص مقدور القدر بالأوقات على ما دل عليه الدليل وانما جعلنا المأمور به هو المنهى لأنه لو صح كون المقدور الواحد لقادرين لم يمتنع امر أحدهما به ونهى الاخر عنه على بعد ذلك و انما قلنا ان ما اجتمع فيه هذه الشرايط لا يجوز على القديم تعالى لأنا قد بينا ان الله تعالى انما يأمر العبد
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125