البيان عبارة عن العلم لأنه لو كان كذلك لكان من فعل هذه العلوم يكون هو المبين كما ان الدال يكون من فعل الدلالة ونحن نعلم انما نصف الله تعالى بأنه قد بين لنا الاحكام فهو مبين كما يقول انه دلنا فهو دال ويسمى الرسول صلى الله عليه وآله أيضا بذلك قال الله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم فجعله (ع) لنا الاحكام وعلى ما سأل السائل كان يجب أن يكون نحن المبينين لان العلوم الحادثة فينا هي من فعلنا وذلك لا يقوله أحد فعلم بذلك ان الأولى ما قلناه واما التبيين (التبين خ ل) فلا يقع الا بالعلم على ما ذكره السائل ولاجل ذلك لم نصف الله تعالى بأنه متبين وان كان في الناس من ارتكب ذلك ولم نسلم ان التبيين لا يقع الا بالعلم الحادث وحد العالم انه متبين للشئ على ما هو به واجري ذلك على الله تعالى والواحد منا والأولى ما قلناه ولا ينقص ذلك ما نصرناه من ان البيان عبارة عن الأدلة لأنا جعلنا ذلك عبارة عما يمكن الاستدلال به لا ما يقع به التبيين وذلك حاصل في الأدلة فينبغي أن يكون عبارة عنها وما أوردناه سؤالا هو شبهة أبي عبد الله من ان البيان عبارة عن العلم وقد تكلمنا عليه فاما من حد البيان بأنه ما اخرج الشئ من حد الاشكال إلى حد التجلي فقد حد البيان بعبارة هي أشكل منها وينبغي أن يحد الشئ ما هو اظهر منه على ان ما ذكروه انما هو بعض البيان لان البيان قد يكون مبتدأ وان لم يكن هناك مشكل يخرج به إلى التجلي فعلم بذلك ان الأولى ما اخترناه وهذه المسألة التي هي الكلام فيها كلام في عبارة فلا معنى للإطالة فيه فاما المجمل فيستعمل على ضربين أحدهما ما يتناول جملة من الأشياء وذلك مثل العموم وألفاظ الجموع وما أشبههما ويسمى ذلك مجملا لأنه يتناول جملة من المسميات والضرب الاخر هو ما أنبأ عن الشئ على جهة المجملة دون التفصيل ولا يمكن ان يعلم المراد به على التفصيل نحو قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة وقوله وفي أموالهم حق معلوم وقوله واتوا حقه يوم حصاده وما أشبه ذلك مما سنبينه فيما بعد واما النص فهو كل خطاب يمكن أن يعرف المراد به وحد الشافعي النص بأنه هو كل خطاب علم ما أريد به من الحكم كان مستقلا بنفسه أو علم المراد به بغيره وكان يسمى المجمل نصا والى ذلك ذهب أبو عبد الله البصري والذي يدل على صحة ما اخترناه ان النص انما
(١٥٨)