من البيان فعلى ضربين أحدهما يحتاج إلى بيان ما لم يرد به مما يقتضى ظاهره كونه مرادا ولا يحتاج إلى بيان ما أريد به بل يعلم ذلك بظاهره وذلك نحو العام إذا علم انه دخله التخصيص فإنه يحتاج في معرفة ما اخرج منه إلى دليل لا فيما أريد به علم ذلك باللفظ المتناول له ويحتاج إلى ان يعلم ما لم يرد منه وذلك نحو قوله والسارق والسارقة والزاني والزانية واقتلوا المشركين فإنه لما علمنا ان في السراق من لا يجب قطعه مثل أن يكون سارقا من غير حرز أو سرق ما دون النصاب أو لم يكن عاقلا أو كان هناك شبهة وغير ذلك من الشرايط المراعاة في ذلك احتيج إلى بيان من لا يقطع لان عمومه يقتضى ان يقطع كل سارق من حصلت فيه الصفات التي ذكرناها ومن لم يحصل فإذا دل الدليل على ان من لم تكمل هذه الصفات فيه لا يجب قطعه اخرج من ذلك وقطع الباقون بظاهر الآية وكذلك القول في اية الزنا والشرك فالطريقة واحدة ومن الناس من الحق هذا الباب بالمجمل الذي يحتاج إلى بيان المراد منه وقال لا يصح التعلق بظاهره وسنبين ما عندنا في ذلك فيما بعد انشاء الله تعالى والضرب الثاني هو ما يحتاج إلى البيان في معرفة ما أريد به وهو على ضروب منها ما وضع في أصل اللغة ليدل على المراد على طريق الجملة دون التفصيل وذلك نحو قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقوله في أموالهم حق وقوله واتوا حقه يوم حصادة وقوله لا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ونحو قول النبي صلى الله عليه وآله عصموا منى دمائهم وأموالهم الا بحقها وغير ذلك من الأمثلة ومنها ما وضع في اللغة محتملا لمعان نحو قوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا لان ذلك يحتمل وكذلك قوله يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فان ذلك يحتمل الحيض والطهر ومنها الأسماء الشرعية لأنها اجمع تحتاج إلى بيان ما أريد به بعض ما وضع له في اللغة نحو الصيام والوضوء وغير ذلك ومنها ما وضع في اللغة لينبئ عن المراد به لكنه قد علم انه لم يرد به بعض ما تناوله من غير تعيين لذلك البعض فهذا لا يعلم المراد به لأنه لا شئ يشار إليه مما يتناوله الا ويجوز أن يكون مخصوصا منه وذلك نحو قوله تعالى وأوتيت من كل شئ فإنه لما علمنا انها لم تؤت أشياء كثيرة على طريق الجملة احتجنا في معرفة ما أوتيت إلى دليل وقد الحق قوم بهذا الوجه قوله وافعلوا الخير وقالوا انه إذا لم يصح ان يريد بذلك جميع الخير لان فيه مما ليس بواجب فالواجب اما ان يحتاج إلى بيان أو يراد بالامر الندب وهذا ليس بصحيح لان الخير الذي قد علم نفى وجوبه معلوم وذلك هو الذي لم يرد فاما ما عداه فمعلوم وجوب فعله بظاهر اللفظ كما تقول في ساير ألفاظ العموم الذي يخص بعضها ومنها ما وضع في اللغة ليدل على المراد بظاهرة الا انه إذا تعقبه شرط أو استثناء مجمل يرجع إليه صار ما تقدمه مجملا وذلك نحو قوله تعالى وأحل
(١٦١)