هذه التسمية لان حد النسخ ليس بحاصل فيه على ما سنبينه فيما بعد ويسمى تخصيصا لان فائدة التخصيص حاصلة ولا مانع يمنع من اطلاقه اما تخصيص الكتاب بالكتاب يدل على صحته ما دل على صحة تخصيصه بأدلة العقل سواء فاما أمثلته فأكثر من أن تحصى نحو قوله تعالى اقتلوا المشركين وقوله فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ثم قال في موضع اخر حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فخص بذلك من عدا أهل الكتاب ونحو قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن نعم الخطر في نكاح جميع المشركات ثم قال والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم فخص من ذلك بعضهم في نكاح الدوام عند من خالفنا وعندنا في نكاح المتعة وملك اليمين ونحو قوله أيضا والذين يتوفون منهم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهم أربعة اشهر وعشرا ثم قال في مواضع اخر وأولات الأحمال أجلهن ان يضعن حملهن فخص هذا الحكم المطلقات عندنا وعند بعض الفقهاء خص الآية الأول ممن عدا الحوامل من النساء وله نظائر كثيرة ولو لم يرد له نظير لكنا نعلم ان ذلك جائز لما قدمناه من الدليل وليس لاحد أن يقول ان الله تعالى وصف نبيه صلى الله عليه وآله بأنه يبين للناس ما نزل إليهم فلا يجوز أن يثبت لغيره وذلك ان هذا يسقط من وجهين أحدهما انه ليس في وصفه نبيه صلى الله عليه وآله بأنه يبين للناس ما يمنع من أن يبين هو أيضا بعض كلامه ببعض والثاني انه كما وصف النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقد وصف كتابه بأنه تبيان لكل شئ فإذا جاز تخصيص الكتاب بالسنة وجب أن يخص بالكتاب أيضا فلا وجه توجب كون السنة تبيانا للكتاب ومخصصا له الا وهو بعينه يوجب كون الكتاب تبيانا له ومخصصا فاما تخصيص الكتاب بالسنة فلا خلاف فيه بين أهل العلم وقد وقع منه أيضا في مواضع كثيرة لان الله تعالى قال يوصيكم الله في أولادكم وقال للرجال نصيب مما ترك الوالدان وغير ذلك من الآيات المواريث وخصصنا من ذلك القاتل والكافر بقول النبي صلى الله عليه وآله لا يرث القاتل ولا يتوارث أهل ملتين وغير ذلك فاما تخصيص بعض السنة ببعض أيضا جائز لمثل ما قدمناه من الأدلة وقد وجد أيضا في مواضع لا تحصى كثرة وفي الناس من انكر ذلك وقال ان الله تعالى جعله مبينا فلا يجوز أن يكون قوله يحتاج إلى بيان فأوجب فيه التعارض وأبطله وهذا خطأ لان حال السنة مع السنة حال الكتاب مع الكتاب وكونه عليه السلام مبينا يقتضى
(١٣٤)