بنفسه لما وجب ذلك فيه فإذا علقناه بما يليه فقد أفاد واستقل بنفسه فلا معنى لرده إلى جميع ما تقدم والجواب عن ذلك ان هذا ولا ينتقض بالشرط والاستثناء بمشية الله لأنهما انما علقنا بما تقدم لأنهما لا يستقلان بأنفسهما ومع هذا لا يجب تعليقهما بما يليهما فحسب دون ما تقدم وكذلك القول في الاستثناء ثم إذا وجب تعليقه بما تقدم لكونه غير مستقل بنفسه فلم صار بان تعلق بما يليه من ان تعلق بما قبله وإذا لم يكن هناك ما يخصصه بما يليه وجب تعليقه بجميع ما تقدم لفقد الاختصاص واستدلوا أيضا بان قالوا قد ثبت ان الاستثناء من الاستثناء لا يرجع إلى الجملة الأولى فكذلك القول في الجمل الكثيرة يجب أن يكون جملة ذلك الحكم في رجوعه إلى ما يليه والجواب عن ذلك من وجوه أحدها انا انما أوجبنا في الجمل الكثيرة أن يرجع إلى جميعها لما تقدم بعضها على بعض بواو العطف التي توجب الاشتراك وتصير الجمل الكثيرة في حكم الجملة الواحدة على ما بيناه وليس هذا موجودا في الاستثناء من الاستثناء لأنه ليس هناك ما يوجب اشتراك الجملة الثانية للجملة الأولى فلا يجب أن يرجع إلى الجملة الأول والثاني انه لم يحسن ذلك لأنه لا يفيد شيئا لان القائل إذا قال لزيد عندي عشرة الا ثلاثة فقد أقوله بالسبعة فإذا قال بعد ذلك الا واحدا فان رددناه إلى الجملتين معا لكان يجب ان ينقص من الثلاثة واحدا فيصير المستثنى منه ثمانية وكان يجب ان ينقص من الجملة الأولى أيضا واحدا فيرجع إلى السبعة فلا يفيد الا ما أفاد الاستثناء الأول ولا يكون لدخول الاستثناء الثاني فائدة قولنا انه لابد أن يكون الاستثناء من الجملة التي يليها فيصير اقرارا بالثمانية ويكون ذلك مفيدا وليس لاحد ان يقول هل أردتموه إلى الجملة الأولى فحسب وجعلتم كأنه أقر بستة وذلك ان هذا لم يعتبره أحد لان أحدا لم يقل انه يرجع إلى ما تقدم ولا يرجع إلى ما يليه مع امكان أن يرجع إليه لان الناس بين قائلين قائل يقول انه يرجع إلى ما يليه وهو مقصور عليه وقائل يقول يرجع اليهما وليس ههنا من يقول انه يرجع إلى ما تقدم ولا يرجع إلى ما يليه وذلك باطل بالاتفاق ولان ذلك لو كان مردودا إليها لوجب دخول واو العطف فيه فيقول له عندي عشرة الا ثلاثة والا واحدا حتى يكون اقرارا
(١٢٧)