هل يرجع إلى جميعها أو إلى ما يليه ذهب الشافعي وأصحابه إلى الاستثناء إذا تعقب جملا كثيرة وكان يصح أن يرجع إلى كل واحد منها بانفرادها يجب أن يرجع إليها كلها وذهب أبو الحسن الكرخي وأكثر أصحاب أبي حنيفة إلى أنه يرجع إلى ما يليه من المذكور وقال سيدنا المرتضى قدس الله روحه انه يرجع إلى ما يليه قطعا ويجوز مع ذلك رجوعه إلى ما تقدمها من الجمل ويقف ذلك على البيان ويقوى في نفسي المذهب الأول والذي يدل على ذلك ان الكلام الأول إذا عطف بعضه على بعض بالواو الموضوعة للجمع صار كأنه مذكور بلفظ واحد الا ترى انه لا فرق بين أن يقول القائل رأيت زيدا وعمروا وخالدا وبين أن يقول رأيتهم بلفظ يشملهم فإذا صح ذلك والاستثناء لو ذكر عقيب الجملة المتناولة لجميعهم كان متعلقا بهم فكذلك إذا ذكر عقيب الجمل المعطوف بعضها على بعض لأنها في حكم الجملة الواحدة ويدل أيضا على ذلك ان الشرط إذا تعقب جملا كثيرة ولا خلاف في أنه يرجع إلى جميعها والعلة الجامعة بينهما ان كل واحد منهما لا يستقل بنفسه ويحتاج إلى تعليقه بغيره ليفيد فلما اتفقا في هذا الحكم وجب اتفاقهما في وجوب رجوع كل واحد منهما إلى ما تقدم فان قيل انما وجب ذلك في الشرط لان له صدر الكلام فهو وان ذكر اخر الكلام فكأنه مذكورا في أوله في الجمل كلها معطوفة عليه وهو داخل عليها ووجب تعلقه بها كلها وكذلك حكمه إذا تأخر قيل لهم لا نم ان له صدر الكلام حتى لا يجوز أن يؤخر بل الوجود بخلافه وانما يستعمل تارة في صدر الكلام وتارة في اخره وليس مخالفته للاستثناء في جواز تقدمه بموجب مخالفته في كل وجه الا ترى انه قد خالف الاستثناء أيضا في أنه لا يدخل الا على افعال مستقبلة أو ما تقدر فيها الاستقبال وليس كذلك الاستثناء فإنه يدخل على ما كان ماضيا أو مستقبلا أو يكون اسما وليس فيه معنى الفعل أصلا وكل ذلك لا تصلح (لا تصح خ ل) في الشرط ولم يجب بذلك أن يكون حكم الاستثناء حكمه فكذلك فيما قلناه ويدل أيضا على ما ذهبنا إليه ان الاستثناء بمشية الله إذا تعقب جملا كثيرة وجب رجوعه إلى جميعها فكذلك يجب أن يكون حكم الاستثناء الاخر مثله والعلة الجامعة بينهما قدمناها من افتقار كل واحد منهما إلى ما يتعلق به وكونه غير مستقل بنفسه واستدل من خالف على صحة ما ذهب إليه بان قال ان الاستثناء انما وجب تعليقه بما تقدم لأنه لا يستقل
(١٢٦)