قال أبو شامة رحمة الله: وقد ورد إلى دمشق استفتاء من بلاد العجم عن القراءة الشاذة: هل تجوز القراءة بها؟ وعن قراءة القارئ عشرا، كل آية بقراءة قارئ، فأجاب عن ذلك جماعة من مشايخ عصرنا; منهم شيخنا الشافعية والمالكية حينئذ، وكلاهما أبو عمر وعثمان - يعنى ابن الصلاح وابن الحاجب.
قال شيخ الشافعية: يشترط أن يكون المقروء به على تواتر نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا، واستفاض نقله بذلك، وتلقته الأمة بالقبول كهذه القراءات السبع; لأن المعتبر في ذلك اليقين والقطع على ما تقرر وتمهد في الأصول; فما لم يوجد فيه ذلك ما عدا العشرة فممنوع من القراءة به منع تحريم، لا منع كراهة، في الصلاة وخارج الصلاة، وممنوع منه ممن عرف المصادر والمعاني ومن لم يعرف ذلك، وواجب على من قدر على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أن يقوم بواجب ذلك، وإنما نقلها من نقلها من العلماء لفوائد منها ما يتعلق بعلم العربية لا القراءة بها; هذا طريق من استقام سبيله. ثم قال: والقراءة الشاذة ما نقل قرآنا من غير تواتر واستفاضة متلقاة بالقبول من الأئمة، كما يشتمل عليه " المحتسب " لابن جنى وغيره. وأما القراءة بالمعنى على تجويزه من غير أن ينقل قرآنا فليس ذلك من القراءة الشاذة أصلا; والمتجرئ على ذلك متجرئ أبى على عظيم، وضال ضلالا بعيدا، فيعزر ويمنع بالحبس ونحوه: ويجب منع القارئ بالشواذ وتأثيمه بعد تعريفه، وإن لم يمتنع فعليه التعزير يشرطه. وأما إذا شرع القارئ في قراءة فينبغي ألا يزال يقرأ بها ما بقي للكلام متعلق بما ابتدأ به، وما خالف هذا فمنه جائز وممتنع وعذره مانع من قيامه بحقه، والعلم عند الله تعالى.
وقال شيخ المالكية رحمه الله: لا يجوز أن يقرأ بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها،