وقال الشيخ موفق الدين الكواشي: كل ما صح سنده واستقام مع جهة العربية، وافق لفظه خط المصحف الإمام فهو من السبع المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفا مجتمعين أو متفرقين. فعلى هذا الأصل يبنى من يقول: القراءات عن سبعة كان أو سبعة آلاف; ومتى فقد واحد من هذه الثلاثة المذكورة في القراءة فاحكم بأنها شاذة; ولا يقرأ بشئ من الشواذ; وإنما يذكر ما يذكر من الشواذ; ليكون دليلا على حسب المدلول عليه، أو مرجحا.
وقال مكي: وقد اختار الناس بعد ذلك، وأكثر اختياراتهم إنما هو في الحرف إذا اجتمع فيه ثلاثة أشياء: قوة وجه العربية، وموافقته للمصحف، واجتماع العامة عليه. والعامة عندهم هو ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة; فذلك عندهم حجة قوية توجب الاختيار. وربما جعلوا العامة ما اجتمع عليه أهل الحرمين، وربما جعلوا الاعتبار بما اتفق عليه نافع وعاصم; فقراءة هذين الإمامين أولى القراءات، وأصحها سندا وأفصحها في العربية، ويتلوها في الفصاحة خاصة قراءة أبى عمرو والكسائي.
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: كل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب فهي قراءة صحيحة معتبرة; فإن اختل أحد هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة; أشار إلى جماعة من الأئمة المتقدمين، ونص عليه الشيخ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني في كتاب مفرد صنفه في معاني القراءات السبع، وأمر بإلحاقه بكتاب الكشف، وذكره شيخنا أبو الحسن في كتابه جمال القراء.