عالما بالعربية كان أو جاهلا; وإذا قرأها قارئ، فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها، وإن كان عالما أدب بشرطه، وإن أصر على ذلك أدب على إصراره، وحبس إلى أن يرتدع عن ذلك. وأما تبديل " آتينا " " بأعطينا " و " سولت " " بزينت " ونحوه; فليس هذا من الشواذ، وهو أشد تحريما، والتأديب عليه أبلغ، والمنع منه أوجب، وأما القراءة بالقراءات المختلفة في آي العشر الواحد فالأولى ألا يفعل. نعم إن قرأ بقراءتين في موضع إحداهما مبنية على الأخرى مثل أن يقرأ " نغفر لكم " بالنون " وخطيئاتكم " بالجمع ومثل: * (تضل إحداهما فتذكر) * بالنصب، فهذا أيضا ممتنع وحكم المنع كما تقدم.
قال الشيخ شهاب الدين: والمنع من هذا ظاهر، وأما ما ليس كذلك فلا يمنع منه; فإن الجمع جائز، والتخيير فيه بأكثر من ذلك كان حاصلا بما ثبت من إنزال القرآن على سبعة حروف، توسعة على القراء; فلا ينبغي أن يضيق بالمنع من هذا ولا ضرر فيه، نعم أكره ترداد الآية بقراءات مختلفة كما يفعله أهل زماننا في جمع القرآن لما فيه من الابتداع، ولم يرد فيه شئ من المتقدمين، وقد بلغني كراهته عن بعض متصدري المغاربة المتأخرين.
قلت: وما أفتى به الشيخان نقله النووي في شرح المهذب عن أصحاب الشافعي فقال: قال أصحابنا وغيرهم: لا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة; لأنها ليست قرآنا، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والقراءة الشاذة ليست متواترة; ومن قال غيره فغالط أو جاهل، فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه قرءاتها ما في الصلاة وغيرها، وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ. ونقل ابن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشواذ، ولا يصلى خلف من يقرأ بها.
* * *