وأما تعلق الروافض بأن عثمان أحرق المصاحف فإنه جهل منهم وعمى، فإن هذا من فضائله وعلمه; فإنه أصلح، ولم الشعث، وكان ذلك واجبا عليه، ولو تركه لعصى، لما فيه من التضييع; وحاشاه من ذلك. وقولهم: إنه سبق إلى ذلك ممنوع لما بيناه أنه كتب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقاع والأكتاف; وأنه في زمن الصديق جمعه في حرف واحد.
قال: وأما قولهم: إنه أحرق المصاحف; فإنه غير ثابت، ولو ثبت لوجب حمله على أنه أحرق مصاحف قد أودعت ما لا يحل قراءته.
وفى الجملة إنه إمام عدل غير معاند ولا طاعن في التنزيل، ولم يحرق إلا ما يجب إحراقه، ولهذا لم ينكر عليه أحد ذلك، بل رضوه وعدوه من مناقبه، حتى قال علي: لو وليت ما ولي عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل. انتهى ملخصا.
فائدة [في عدد مصاحف عثمان] قال أبو عمرو والداني في " المقنع ": أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعله على أربع نسخ; وبعث إلى كل ناحية واحدا: الكوفة والبصرة والشام، وترك واحدا عنده. وقد قيل: إنه جعله سبع نسخ، وزاد: إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين. قال:
والأول أصح وعليه الأئمة.