وابن عامر من أهل الشام، ونافع من أهل المدينة; كلهم ممن اشتهرت إمامتهم، وطال عمرهم في الإقراء، وارتحل الناس إليهم من البلدان.
وأول من اقتصر على هؤلاء السبعة أبو بكر بن مجاهد سنة ثلاثمائة، وتابعه الناس وألحق المحققون، منهم البغوي في تفسيره بهؤلاء السبعة [قراءة] ثلاثة وهم يعقوب الحضرمي، وخلف، وأبو جعفر بن قعقاع المدني شيخ نافع; لأنها لا تخالف رسم السبع.
وقال الإمام أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم الهروي في كتاب الكافي له: فإن قال قائل: فلم أدخلتم قراءة أبى حفص المدني ويعقوب الحضرمي في جملتهم، وهم خارجون عن السبعة المتفق عليهم؟ قلنا: إنما اتبعنا قراءتهما كما اتبعنا السبعة; لأنا وجدنا قراءتهما على الشرط الذي وجدناه في قراءة غيرهما ممن بعدهما في العلم والثقة بهما، واتصال إسنادهما، وانتفاء الطعن عن روايتهما. ثم إن التمسك بقراءة سبعة فقط ليس له أثر ولا سنة; وإنما السنة أن تؤخذ القراءة إذا اتصلت رواتها نقلا وقراءة ولفظا ولم يوجد طعن على أحد من رواتها; ولهذا المعنى قدمنا السبعة على غيرهم وكذلك نقدم أبا جعفر ويعقوب على غيرهما.
ولا يتوهم أن قوله صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن على سبعة أحرف " انصرافه إلى قراءة سبعة من القراء يولدون من بعد عصر الصحابة بسنين كثيرة; لأنه يؤدى إلى أن يكون الخبر متعريا عن فائدة إلى أن يحدثوا; ويؤدى إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرءوا إلا بما علموا أن السبعة من القراء يختارونه. قال: وإنما ذكرناه لأن قوما من العامة يتعلقون به.