النوع الحادي والعشرون كون اللفظ والتركيب أحسن وأفصح ويؤخذ ذلك من علم البيان والبديع، وقد صنف الناس في ذلك تصانيف كثيرة، وأجمعها ما جمعه الشيخ شمس الدين محمد بن النقيب مجلدين قدمهما أمام تفسيره، وما وضعه حازم الأندلسي المسمى بمنهاج البلغاء وسراج الأدباء. وهذا العلم أعظم أركان المفسر. فإنه لا بد من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز، من الحقيقة والمجاز، وتأليف النظم، وأن يؤاخى أي بين الموارد، ويعتمد ما سيق له الكلام حتى لا يتنافر، وغير ذلك. وأملأ الناس بهذا صاحب الكشاف. قال السكاكي: واعلم أن شأن الإعجاز عجيب، يدرك ولا يمكن وصفه; كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة، ولا طريق إلى تحصيله لذوي الفطر السليمة إلا إتقان علمي المعاني والبيان والتمرن فيهما.
وقال الزمخشري: من حق مفسر كتاب الله الباهر، وكلامه المعجز أن يتعاهد في مذاهبه بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليما من القادح، وإذا لم يتعاهد أوضاع اللغة فهو من تعاهد النظم والبلاغة على مراحل.
وادعى القاضي أبو الطيب في كتاب " إعجاز القرآن " أن كثيرا من محاسن هذا العلم لا يعد من البلاغة القرآنية; بناء على اختياره في أن القرآن نزل على خلاف أساليبهم، وسيأتي الكلام في ذلك.
فإن قلت: كيف عددت هذا من أنواع علومه; مع أن سلف المفسرين من الصحابة والتابعين لم يخوضوا فيه ولم ينقل عنهم شئ من ذلك، وإنما هذا أحدثه المتأخرون؟