واعلم أن أكثر القراء يبتغون في الوقف المعنى وإن لم يكن رأس آية، ونازعهم فيه بعض المتأخرين في ذلك; وقال: هذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف عند كل آية فيقول: * (الحمد لله رب العالمين) * ويقف، ثم يقول: * (الرحمن الرحيم) * وهكذا، روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته آية آية، ومعنى هذا الوقف على رؤوس الآي، وأكثر أواخر الآي في القرآن تام أو كاف، وأكثر ذلك في السور القصار الآي، نحو الواقعة، قال: وهذا هو الأفضل; أعني الوقف على رؤس الآي وإن تعلقت بما بعدها، وذهب بعض القراء إلى تتبع الأغراض والمقاصد، والوقف عند رؤس انتهائها; واتباع السنة أولى. وممن ذكر ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب (شعب الإيمان) وغيره، ورجح الوقف على رؤس الآي وإن تعلقت بما بعدها.
قلت: وحكى النحاس عن الأخفش علي بن سليمان أن يستحب الوقوف على قوله:
* (هدى للمتقين) * لأنه رأس آية، وإن كان متعلقا بما بعده.
[أقسام الوقف] والوقف عند أكثر القراء ينقسم إلى أربعة أقسام: تام مختار، وكاف جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك.
* * * وقسمه بعضهم إلى ثلاثة، وأسقط الحسن. وقسمه آخرون إلى اثنين، وأسقط الكافي والحسن.
* * * فالتام هو الذي لا يتعلق بشئ مما بعده، فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعد;