النوع الثاني معرفة المناسبات بين الآيات وقد أفرده بالتصنيف الأستاذ أبو جعفر بن الزبير; شيخ الشيخ أبى حيان. وتفسير الإمام فخر الدين فيه شئ كثير من ذلك.
واعلم أن المناسبة علم شريف، تحزر به العقول، ويعرف به قدر القائل فيما يقول.
والمناسبة في اللغة: المقاربة: وفلان يناسب فلانا، أي يقرب منه ويشاكله، ومنه النسيب الذي هو القريب المتصل، كالأخوين وابن العم ونحوه; وإن كانا متناسبين بمعنى رابط بينهما، وهو القرابة. ومنه المناسبة في العلة في باب القياس: الوصف المقارب للحكم; لأنه إذا حصلت مقاربته له ظن عند وجود ذلك الوصف وجود الحكم; ولهذا قيل:
المناسبة أمر معقول; إذا عرض على العقول تلقته بالقبول. وكذلك المناسبة في فواتح الآي وخواتمها; ومرجعها - والله أعلم - إلى معنى ما رابط بينهما: عام أو خاص، عقلي أو حسى أو خيالي; وغير ذلك من أنواع العلاقات. أو التلازم الذهني; كالسبب والمسبب، والعلة والمعلول، والنظيرين، والضدين، ونحوه. أو التلازم الخارجي; كالمرتب على ترتيب الوجود الواقع في باب الخبر.