[المحافظة على الفواصل لحسن النظم والتئامه] الثالث: ذكر الزمخشري في كشافه القديم أنه لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سدادها، على النهج الذي يقتضيه حسن النظم والتئامه. كما لا يحسن تخير الألفاظ المونقة في السمع. السلسة على اللسان; إلا مع مجيئها منقادة للمعاني الصحيحة المنتظمة; فأما أن تهمل المعاني، ويهتم بتحسين اللفظ وحده، غير منظور فيه إلى مؤداه على بال، فليس من البلاغة في فتيل أو نقير. ومع ذلك يكون قوله: * (وبالآخرة هم يوقنون) * وقوله: * (ومما رزقناهم ينفقون) * لا يتأتى فيه ترك رعاية التناسب في العطف بين الجمل الفعلية إيثارا للفاصلة - لأن ذلك أمر لفظي لا طائل تحته - وإنما عدل إلى هذا لقصد الاختصاص.
[تقسيم الفواصل باعتبار المتماثل والمتقارب في الحروف] الرابع: أن الفواصل تنقسم إلى ما تماثلت حروفه في المقاطع - وهذا يكون في السجع - وإلى ما تقاربت حروفه في المقاطع ولم تتماثل; وهذا لا يكون سجعا. ولا يخلو كل واحد من هذين القسمين: - أعني المتماثل والمتقارب - من أن يأتي طوعا سهلا تابعا للمعاني، أو متكلفا يتبعه المعنى.
فالقسم الأول هو المحمود الدال على الثقافة وحسن البيان، والثاني هو المذموم. فأما القرآن فلم يرد فيه إلا القسم الأول لعلوه في الفصاحة.
وقد وردت فواصله متماثلة ومتقاربة.