أن ناسا قالوا: يا رسول الله; قد عرفنا عدة ذوات الأقراء; فما عدة اللائي لم يحضن من الصغار والكبار؟ فنزلت; فهذا يبين معنى: * (إن ارتبتم) * أي إن أشكل عليكم حكمهن، وجهلتم كيف يعتددن; فهذا حكمهن.
ومن ذلك قوله تعالى: * (المشرق والمغرب; فأينما تولوا فثم وجه الله) *; فإنا لو تركنا مدلول اللفظ لاقتضى أن المصلى لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا; وهو خلاف الاجماع; فلا يفهم مراد الآية حتى يعلم سببها; وذلك أنها نزلت لما صلى النبي صلى عليه وسلم على راحلته; وهو مستقبل من مكة إلى المدينة; حيث توجهت به; فعلم أن هذا هو المراد.
ومن ذلك قوله تعالى: * (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) *; فإن سبب نزولها أن قوما أرادوا الخروج للجهاد; فمنعهم أزواجهم وأولادهم; فأنزل الله تعالى هذه الآية; ثم أنزل في بقيتها ما يدل على الرحمة وترك المؤاخذة; فقال: * (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) *.
فصل [فيما نزل مكررا] وقد ينزل الشئ مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه; وهذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين: مرة بمكة، وأخرى بالمدينة; وكما ثبت في