فصل في بيان من جمع القرآن حفظا عن [من الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم] حفظه في حياته جماعة من الصحابة، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة أقلهم بالغون حد التواتر، وجاء في ذلك أخبار ثابتة في الترمذي والمستدرك وغيرهما من حديث ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشئ دعا بعض من كان يكتب فيقول:
" ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا "، قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفى البخاري عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد ابن ثابت، وأبو زيد. وفى رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة ابن ثابت، وأبو زيد بن ثابت، وأبو زيد. قال الحافظ البيهقي في كتاب " المدخل ":
الرواية الأولى أصح، ثم أسند عن ابن سيرين قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل، وأبى بن كعب، وزيد، وأبو زيد، واختلفوا في رجلين من ثلاثة: أبو الدرداء وعثمان، وقيل عثمان وتميم الداري.
وعن الشعبي، جمعه ستة: أبى، وزيد، ومعاذ، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد.
ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثة. قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد غير عثمان.