التكميل. بها ذكر الوسائل كما في الأنعام والأعراف ذكر المقاصد، كالتحليل والتحريم; كتحريم الدماء والأموال وعقوبة المعتدين. وتحريم الخمر من تمام حفظ العقل والدين. وتحريم الميتة والدم والمنخنقة، وتحريم الصيد على المحرم من تمام الإحرام. وإحلال الطيبات من تمام عبادة الله. ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم كالوضوء والحكم بالقرآن، فقال تعالى: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * وذكر أنه من ارتد عوض الله بخبر منه. ولا يزال هذا الدين كاملا; ولهذا قيل: إنها آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها، وحرموا حرامها.
وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة من أحسن الترتيب; وهو ترتيب المصحف العثماني، وإن كان مصحف عبد الله بن مسعود قدمت فيه سورة النساء على آل عمران; وترتيب بعضها بعد بعض ليس هو أمرا أوجبه الله، بل أمر راجع إلى اجتهادهم واختيارهم، ولهذا كان لكل مصحف ترتيب، ولكن ترتيب المصحف العثماني أكمل; وإنما لم يكتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصحف لئلا يفضى إلى تغييره كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن كمل نزول القرآن بموته صلى الله عليه وسلم، فكتب أبو بكر والصحابة بعده، ثم نسخ عثمان المصاحف التي بعث بها إلى الأمصار.
فائدة [سبب سقوط البسملة أول براءة] اختلف في السبب في سقوط البسملة أول براءة; فقيل: كان من شأن العرب في الجاهلية إذا كان بينهم وبين قوم عهد وأرادوا نقضه كتبوا لهم كتابا، ولم يكتبوا فيه