ضرب منها أو يزيد على الازدواج، ومن جهة ما يكون غير مقطع، إلى مقادير بقصد تناسب أطرافها، وتقارب ما بينها في كمية الألفاظ والحروف ثلاثة مذاهب:
منهم من يكره تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف، غير متقاربة في الطول والقصر لما فيه من التكلف، إلا ما يقع به الإلمام في النادر من الكلام.
والثاني أن التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قوالب التقفية وتحليتها بمناسبات المقاطع أكيد جدا.
والثالث - وهو الوسط - أن السجع لما كان زينة للكلام، فقد يدعو إلى التكلف، فرئي ألا يستعمل في الكلام، وأن لا يخلى الكلام بالجملة منه أيضا، ولكن يقبل من الخاطر فيه ما اجتلبه عفوا، بخلاف التكلف، وهذا رأى أبى الفرج قدامة.
قال حازم: وكيف يعاب السجع على الإطلاق! وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب، فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلام العرب، وإنما لم يجئ على أسلوب واحد، لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد، لما فيه من التكلف، ولما في الطبع من الملل عليه. ولأن الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد، فلهذا وردت بعض آي القرآن متماثلة المقاطع، وبعضها غير متماثل.
[إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل] واعلم أن إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل حيث تطرد متأكد جدا، ومؤثر في اعتدال نسق الكلام وحسن موقعه من النفس تأثيرا عظيما، ولذلك خرج عن نظم الكلام لأجلها في مواضع: