بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف قال الشيخ الإمام العالم العلامة، وحيد الدهر، وفريد العصر، جامع أشتات الفضائل، وناصر الحق بالبرهان من الدلائل، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي، بلغه الله منه ما يرجوه:
الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، وأبكمت فصاحته الخطباء.
أحمده ان جعل الحمد فاتحة أسراره، وخاتمة تصاريفه وأقداره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبد ه ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، الظافر من المحامد بالخصل، الظاهر بفضله على ذوي الفضل. معلم الحكمة، وهادي الأمة أرسله بالنور الساطع، والضياء اللامع، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار.
أما بعد; فإن أولى ما أعملت فيه القرائح، وعلقت فيه القرائح، وعلقت به الأفكار اللواقح، الفحص عن أسرار التنزيل، والكشف عن حقائق التأويل، الذي تقوم به المعالم، وتثبت الدعائم فهو العصمة الواقية، والنعمة الباقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، وهو شفاء الصدور، والحكم العدل عند مشتبهات الأمور; وهو الكلام الجزل، وهو الفصل الذي ليس بالهزل; سراج لا يخبو ضياؤه، وشهاب لا يخمد نوره وسناؤه، وبحر لا يدرك غوره.