وقال القاضي شمس الدين الخويي رحمه الله: علم التفسير عسير يسير; أما عسره فظاهر من وجوه; أظهرها أنه كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه، ولا إمكان للوصول إليه، بخلاف الأمثال والأشعار; فإن الانسان يمكن علمه بمراد المتكلم بأن يسمع منه، أو يسمع ممن سمع منه، أما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول عليه السلام، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل. فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات ودلائل، والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده في كتابه; فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد; وإنما هو عليه السلام صوب رأى جماعة من المفسرين، فصار ذلك دليلا قاطعا على جواز التفسير من غير سماع من الله ورسوله.
قال: واعلم أن بعض الناس يفتخر ويقول: كتبت هذا وما طالعت شيئا من الكتب، ويظن أنه فخر; ولا يعلم أن ذلك غاية النقص; فإنه لا يعلم مزية ما قاله على ما قيل، ولا مزية ما قيل على ما قاله فبماذا يفتخر! ومع هذا ما كتبت شيئا إلا خائفا من الله مستعينا به، معتمدا عليه; فما كان حسنا فمن الله وفضله بوسيلة مطالعة كلام عباد الله الصالحين، وما كان ضعيفا فمن النفس الأمارة بالسوء.
فصل [في علوم القرآن] ذكر القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب " قانون التأويل ": إن علوم القرآن