فأما احتياجه إلى معرفة النحو وتقديراته، فلأن من قال في قوله تعالى: * (ملة أبيكم إبراهيم) *: إنه منصوب بمعنى " كملة " أو أعمل فيها ما قبلها، لم يقف على ما قبلها.
وكذا الوقف على قوله: * (ولم يجعل له عوجا) *، ثم يبتدئ * (قيما) *، لئلا يتخيل كونه صفة له; إذا العوج لا يكون قيما; وقد حكاه ابن النحاس عن قتادة.
* وهكذا الوقف على ما في آخره هاء; فإنك في غير القرآن تثبت الهاء إذا وقفت، وتحذفها إذا وصلت; فتقول: قه وعه، وتقول: ق زيدا، وع كلامي; فأما في القرآن من قوله تعالى: * (كتابه) * و * (حسابيه) * و * (سلطانيه) * و * (ما هيه) * و * (لم يتسنه) * و * (اقتده) *; وغير ذلك، فالواجب أن يوقف عليه بالهاء; لأنه مكتوب في المصحف بالهاء، ولا يوصل، لأنه يلزم في حكم العربية اسقاط الهاء في الوصل; فإن أثبتها خالف العربية،، وإن حذفها خالف مراد المصحف، ووافق كلام العرب، وإذا هو وقف عليه خرج من الخلافين، واتبع المصحف وكلام العرب *.
فإن قيل: فقد جوزوا الوصل في ذلك.
قلنا: أتوا به على نية الوقف; غير أنهم قصروا زمن الفصل بين النطقين، فظن من لا خبرة له أنهم وصلوا وصلا محضا، وليس كذلك.