عند الله تعالى في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله تعالى في ذلك وهي أول الشفاعات وهي المقام المحمود كما تقدم بيانه في سورة سبحان فيجئ الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا وقوله تعالى " وجئ يومئذ بجهنم " قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن العلاء بن خالد الكاهلي عن شقيق عن عبد الله هو ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " وهكذا رواه الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عن عمر بن حفص به ورواه أيضا عن عبد بن حميد عن أبي عامر عن سفيان الثوري عن العلاء بن خالد عن شقيق بن سلمة وهو أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قوله ولم يرفعه وكذا رواه ابن جرير عن الحسن بن عرفة عن مروان بن معاوية الفزاري عن العلاء بن خالد عن شقيق عن عبد الله قوله وقوله تعالى " يومئذ يتذكر الانسان " أي عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه " وأنى له الذكرى " أي وكيف تنفعه الذكرى؟ (يقول يا ليتني قدمت لحياتي) يعني يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان عاصيا ويود لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعا كما قال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا علي بن إسحاق حدثنا عبد الله يعني ابن المبارك حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن محمد بن عمرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن عبدا خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة ولود أنه رد إلى لدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب. قال الله تعالى (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد) أي ليس أحد أشد عذابا من تعذيب الله من عصاه (ولا يوثق وثاقه أحد) أي وليس أحد أشد قبضا ووثقا من الزبانية لمن كفر بربهم عز وجل وهذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين فأما النفس الزكية المطمئنة وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق فيقال لها (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك) أي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته " راضية " أي في نفسها " مرضية " أي قد رضيت عن الله ورضي عنها وأرضاها (فادخلي غي عبادي) أي في جملتهم (وادخلي جنتي) وهذا يقال لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة أيضا كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره فكذلك ههنا.
ثم اختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآية فروى الضحاك عن ابن عباس نزلت في عثمان بن عفان وعن بريدة بن الحصيب نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. وقال عوفي عن ابن عباس يقال للأرواح المطمئنة يوم القيامة " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك " يعني صاحبك وهو بدنها الذي كانت لعمره في الدنيا راضية مرضية. وروي عنه أنه كان يقرؤها " فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " وكذا قال عكرمة والكلبي واختاره ابن جرير وهو غريب والظاهر الأول لقوله تعالى " ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق " " وأن مردنا إلى الله " أي إلى حكمه والوقوف بين يديه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي حدثني أبي عن أبيه عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " قال نزلت وأبو بكر جالس فقال يا رسول الله ما أحسن هذا فقال " أما إنه سيقال لك هذا " ثم قال حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا ابن يمان عن أشعث عن سعيد بن جبير قال: قرأت عند النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " فقال أبو بكر رضي الله عنه إن هذا لحسن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أما إن الملك سيقول لك هذا عند الموت " كذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن ابن يمان به وهذا مرسل حسن.
ثم قال ابن أبي حاتم وحدثنا الحسن بن عرفة حدثنا مروان بن شجاع الجزري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال: مات ابن عباس بالطائف فجاء طير لم ير على خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت