ربك الاعلى " فقال سبحان ربي الأعلى. وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا حكام عن عنبسة عن أبي إسحاق الهمداني أن ابن عباس كان إذا قرأ " سبح اسم ربك الاعلى " يقول سبحان ربي الأعلى وإذا قرأ " لا أقسم بيوم القيامة " فأتى على آخرها " أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى " يقول سبحانك وبلى وقال قتادة " سبح اسم ربك الاعلى " ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال سبحان ربي الأعلى. وقوله تعالى (الذي خلق فسوى) أي خلق الخليقة وسوى كل مخلوق في أحسن الهيئات. وقوله تعالى (والذي قدر فهدى) قال مجاهد هدى الانسان للشقاوة والسعادة وهدى الانعام لمراتعها. وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون " ربنا الذي أعطي كل شئ خلقه ثم هدى " أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء " وقوله تعالى (والذي أخرج المرعى) أي من جميع صنوف النباتات والزروع (فجعله غثاء أحوى) قال ابن عباس هشيما متغيرا وعن مجاهد وقتادة وابن زيد نحوه. قال ابن جرير وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم وأن معنى الكلام والذي أخرج المرعى أحوى: أي أخضر إلى السواد فجعله غثاء بعد ذلك ثم قال ابن جرير وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب لمخالفته أقوال أهل التأويل وقوله تعالى " سنقرئك " أي يا محمد " فلا تنسي " وهذا إخبار من الله تعالى ووعد منه له بأنه سيقرأه قراءة لا ينساها " إلا ما شاء الله " وهذا اختيار ابن جرير وقال قتادة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله وقيل المراد بقوله " فلا تنسى " طلب وجعل معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ أي لا تنسى ما نقرئك إلا ما يشاء الله رفعه فلا عليك أن تتركه. وقوله تعالى " إنه يعلم الجهر وما يخفى " أي يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم لا يخفى عليه من ذلك شئ. وقوله تعالى (ونيسرك لليسرى) أي نسهل عليك أفعال الخير وأقواله ونشرع لك شرعا سهلا سمحا مستقيما عدلا لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عسر. وقوله تعالى (فذكر إن نفعت الذكرى) أي ذكر حيث تنفع التذكرة ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه عند غير أهله كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم وقال حدث الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ وقوله تعالى (سيذكر من يخشى) أي سيتعظ بما تبلغه يا محمد من قلبه يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه (ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيى) أي لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه بل هي مضرة عليه لان بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب وأنواع النكال. قال الإمام أحمد حدثنا ابن أبي عدي عن سليمان يعني التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل الضبارة فينبتهم - أو قال - ينبتون في نهر الحيا - أو قال الحياة أو قال الحيوان أو قال نهر الجنة - فينبتون نبات الحبة في حميل السيل " قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أما ترون الشجرة تكون خضراء ثم تكون صفراء ثم تكون خضراء؟ " قال:
فقال بعضهم كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية. وقال أحمد أيضا حدثنا إسماعيل حدثنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس - أو كما قال - تصيبهم النار بذنوبهم - أو قال بخطاياهم فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة فجئ بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة فيقال يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل " قال: فقال رجل من القوم حينئذ كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية ورواه مسلم من حديث بشر بن المفضل وشعبة كلاهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد به مثله ورواه أحمد أيضا عن يزيد عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن أهل النار الذين لا يريد الله إخراجهم لا يموتون فيها