تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٥٤٣
فيها قناطير الذهب والفضة وألوان الجواهر واليواقيت واللآلئ والاكسير الكبير لكن عليها موانع تمنع من الوصول إليها والاخذ منها فيحتالون على أموال الأغنياء والضعفة والسفهاء فيأكلونها بالباطل في صرفها في بخاخير وعقاقير ونحو ذلك من الهذيانات ويطنزون بهم والذي يجزم به أن في الأرض دفائن جاهلية وإسلامية وكنوزا كثيرة من ظفر بشئ منها أمكنه تحويله فأما على الصفة التي زعموها فكذب وافتراء وبهت ولم يصح في ذلك شئ مما يقولون إلا عن نقلهم أو نقل من أخذ عنهم والله سبحانه وتعالى الهادي للصواب. وقول ابن جرير يحتمل أن يكون المراد بقوله " إرم ذات العماد " قبيلة أو بلدة كانت عاد تسكنها فلذلك لم تصرف. فيه نظر لان المراد من السياق إنما هو الاخبار عن القبيلة ولهذا قال بعده (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) يعني يقطعون الصخر بالوادي قال ابن عباس ينحتونها ويخرقونها وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد ومنه يقال مجتابي النمار إذا خرقوها واجتاب الثوب إذا فتحه ومنه الجيب أيضا وقال الله تعالى " وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين " وأنشد ابن جرير وابن أبي حاتم ههنا قول الشاعر:
ألا كل شئ ما خلا الله بائد * كما باد حي من شنيف ومارد هم ضربوا في كل صماء صعدة * بأيد شداد أيدات السواعد وقال ابن إسحاق كانوا عربا وكان منزلهم بوادي القرى وقد ذكرنا قصة عاد مستقصاة في سورة الأعراف بما أغني عن إعادته. وقوله تعالى (وفرعون ذي الأوتاد) قال العوفي عن ابن عباس الأوتاد الجنود الذين يشدون له أمره ويقال كان فرعون يوتد أيديهم وأرجلهم في أوتاد من حديد يعلقهم بها وكذا قال مجاهد كان يوتد الناس بالأوتاد وهكذا قال سعيد بن جبير والحسن والسدي قال السدي كان يربط الرجل في كل قائمة من قوائمه في وتد ثم يرسل عليه صخرة عظيمة فيشدخه وقال قتادة بلغنا أنه كان له مظال وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وحبال وقال ثابت البناني عن أبي رافع قيل لفرعون ذي الأوتاد لأنه ضرب لامرأته أربعة أوتاد ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت.
وقوله تعالى (الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد) أي تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالافساد والأذية للناس (فصب عليهم ربك سوط عذاب) أي أنزل عليهم رجزا من السماء وأحل بهم عقوبة لا يردها عن القوم المجرمين.
وقوله تعالى (إن ربك لبالمرصاد) قال ابن عباس يسمع ويرى يعني يرصد خلقه فيما يعملون ويجازى كلا بسعيه في الدنيا والاخرى وسيعرض الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله ويقابل كلا بما يستحقه وهو المنزه عن الظلم والجور وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريبا جدا وفي إسناده نظر وفي صحته فقال حدثنا أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا يونس الحذاء عن أبي حمزة البيساني عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معاذ إن المؤمن لدى الحق أسير يا معاذ إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره يا معاذ إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته وعن أن يهلك فيها هو بإذن الله عز وجل فالقرآن دليله والخوف محجته والشوق مطيته والصلاة كهفه والصوم جنته. والصدقة فكاكه والصدق أميره والحياء وزيره وربه عز وجل من وراء ذلك كله بالمرصاد " قال ابن أبي حاتم يونس الحذاء وأبو حمزة مجهولان وأبو حمزة عن معاذ مرسل ولو كان عن أبي حمزة لكان حسنا أي لو كان من كلامه لكان حسنا ثم قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أيفع عن ابن عبد الكلاعي أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول إن لجهنم سبع قناطر قال والصراط عليهن قال فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول " قفوهم إنهم مسؤلون " قال فيحاسبون على الصلاة ويسئلون عنها قال فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها قال فيهلك من هلك وينجو من نجا فإذا
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615