فيها قناطير الذهب والفضة وألوان الجواهر واليواقيت واللآلئ والاكسير الكبير لكن عليها موانع تمنع من الوصول إليها والاخذ منها فيحتالون على أموال الأغنياء والضعفة والسفهاء فيأكلونها بالباطل في صرفها في بخاخير وعقاقير ونحو ذلك من الهذيانات ويطنزون بهم والذي يجزم به أن في الأرض دفائن جاهلية وإسلامية وكنوزا كثيرة من ظفر بشئ منها أمكنه تحويله فأما على الصفة التي زعموها فكذب وافتراء وبهت ولم يصح في ذلك شئ مما يقولون إلا عن نقلهم أو نقل من أخذ عنهم والله سبحانه وتعالى الهادي للصواب. وقول ابن جرير يحتمل أن يكون المراد بقوله " إرم ذات العماد " قبيلة أو بلدة كانت عاد تسكنها فلذلك لم تصرف. فيه نظر لان المراد من السياق إنما هو الاخبار عن القبيلة ولهذا قال بعده (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) يعني يقطعون الصخر بالوادي قال ابن عباس ينحتونها ويخرقونها وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد ومنه يقال مجتابي النمار إذا خرقوها واجتاب الثوب إذا فتحه ومنه الجيب أيضا وقال الله تعالى " وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين " وأنشد ابن جرير وابن أبي حاتم ههنا قول الشاعر:
ألا كل شئ ما خلا الله بائد * كما باد حي من شنيف ومارد هم ضربوا في كل صماء صعدة * بأيد شداد أيدات السواعد وقال ابن إسحاق كانوا عربا وكان منزلهم بوادي القرى وقد ذكرنا قصة عاد مستقصاة في سورة الأعراف بما أغني عن إعادته. وقوله تعالى (وفرعون ذي الأوتاد) قال العوفي عن ابن عباس الأوتاد الجنود الذين يشدون له أمره ويقال كان فرعون يوتد أيديهم وأرجلهم في أوتاد من حديد يعلقهم بها وكذا قال مجاهد كان يوتد الناس بالأوتاد وهكذا قال سعيد بن جبير والحسن والسدي قال السدي كان يربط الرجل في كل قائمة من قوائمه في وتد ثم يرسل عليه صخرة عظيمة فيشدخه وقال قتادة بلغنا أنه كان له مظال وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وحبال وقال ثابت البناني عن أبي رافع قيل لفرعون ذي الأوتاد لأنه ضرب لامرأته أربعة أوتاد ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت.
وقوله تعالى (الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد) أي تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالافساد والأذية للناس (فصب عليهم ربك سوط عذاب) أي أنزل عليهم رجزا من السماء وأحل بهم عقوبة لا يردها عن القوم المجرمين.
وقوله تعالى (إن ربك لبالمرصاد) قال ابن عباس يسمع ويرى يعني يرصد خلقه فيما يعملون ويجازى كلا بسعيه في الدنيا والاخرى وسيعرض الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله ويقابل كلا بما يستحقه وهو المنزه عن الظلم والجور وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريبا جدا وفي إسناده نظر وفي صحته فقال حدثنا أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا يونس الحذاء عن أبي حمزة البيساني عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معاذ إن المؤمن لدى الحق أسير يا معاذ إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره يا معاذ إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته وعن أن يهلك فيها هو بإذن الله عز وجل فالقرآن دليله والخوف محجته والشوق مطيته والصلاة كهفه والصوم جنته. والصدقة فكاكه والصدق أميره والحياء وزيره وربه عز وجل من وراء ذلك كله بالمرصاد " قال ابن أبي حاتم يونس الحذاء وأبو حمزة مجهولان وأبو حمزة عن معاذ مرسل ولو كان عن أبي حمزة لكان حسنا أي لو كان من كلامه لكان حسنا ثم قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أيفع عن ابن عبد الكلاعي أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول إن لجهنم سبع قناطر قال والصراط عليهن قال فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول " قفوهم إنهم مسؤلون " قال فيحاسبون على الصلاة ويسئلون عنها قال فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها قال فيهلك من هلك وينجو من نجا فإذا