على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالافعال القبيحة وأعمال الفجور. وقد حكي البغوي عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا نزلت هذه الآية في الأسود بن شريق ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعاقب في الحالة الراهنة فأنزل الله تعالى " ما غرك بربك الكريم "؟.
وقوله تعالى (الذي خلقك فسواك فعدلك) أي ما غرك بالرب الكريم " الذي خلقك فسواك فعدلك " أي جعلك سويا مستقيما معتدل القامة منتصبها في أحسن الهيئات والاشكال؟ قال الإمام أحمد حدثنا أبو المغيرة حدثنا جرير حدثني عبد الرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير عن بشر بن جحاش القرشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوما في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال: " قال الله عز وجل: يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه؟
حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة؟ " وكذا رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن جرير بن عثمان به قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي وتابعه يحيى بن حمزة عن ثور بن يزيد عن عبد الرحمن بن ميسرة.
وقوله تعالى (في أي صورة ما شاء ركبك) قال مجاهد في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم. وقال ابن جرير حدثني محمد بن سنان الفزاري حدثنا مطهر بن الهيثم حدثنا موسى بن علي بن رباح حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له " وما ولد لك " قال يا رسول الله ما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية قال " فمن يشبه " قال يا رسول الله من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندها " مه لا تقولن هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم؟ أما قرأت هذه الآية في كتاب الله تعالى " في أي صورة ما شاء ركبك "؟ قال شكلك.
وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية ولكن إسناده ليس بالثابت لان مطهر بن الهيثم قال فيه أبو سعيد بن يونس كان متروك الحديث وقال ابن حبان: يروى عن موسى بن علي وغيره مالا يشبه حديث الاثبات ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود قال " هل لك من إبل؟ " قال نعم قال " فما ألوانها؟ " قال حمر قال " فهل فيها من أورق " قال نعم قال " فأنى أتاها ذلك؟ " قال عسى أن يكون نزعه عرق " قال " هذا عسى أن يكون نزعة عرق وقد قال عكرمة في قوله تعالى " في أي صورة ما شاء ركبك " إن شاء في صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير وكذا قال أبو صالح " في أي صورة ما شاء ركبك " إن شاء في صورة كلب وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة خنزير وقال قتادة " في أي صورة ما شاء ركبك " قال قادر والله ربنا على ذلك ومعنى هذا القول عند هؤلاء أن الله عز وجل قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات المنكرة الخلق ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل تام حسن المنظر والهيئة وقوله تعالى (كلا بل تكذبون بالدين) أي إنما يحملكم على مواجهة الكريم ومقابلته بالمعاصي تكذيب في قلوبكم بالمعاد والجزاء والحساب. وقوله تعالى (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) يعني وإن عليكم لملائكة حفظة كراما فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا وكيع حدثنا سفيان ومسعر عن علقمة بن مرثد عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين الجنابة والغائط فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم حائط أو ببعيره أو ليستره أخوه ". وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار فوصله بلفظ آخر فقال حدثنا محمد بن عفان بن كرامة حدثنا عبيد الله بن موسى عن حفص بن سليمان عن علقمة بن مرثد عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين