عن علي رضي الله عنه وقال ابن جرير يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبين. وقوله تعالى (إنه لقول رسول كريم) يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم أي ملك شريف حسن الخلق بهي المنظر وهو جبريل عليه الصلاة والسلام قاله ابن عباس والشعبي وميمون بن مهران والحسن وقتادة والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم " ذي قوة " كقوله تعالى " علمه شديد القوى ذو مرة " أي شديد الخلق شديد البطش والفعل " عند ذي العرش مكين " أي له مكانة عند الله عز وجل ومنزلة رفيعة قال أبو صالح في قوله تعالى " عند ذي العرش مكين " قال جبريل يدخل في سبعين حجابا من نور بغير إذن " مطاع ثم " أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملا الاعلى قال قتادة " مطاع ثم " أي في السماوات يعني ليس من أفناد الملائكة بل هو من السادة والاشراف معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمة.
وقوله تعالى " أمين " صفة لجبريل بالأمانة وهذا عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى " وما صاحبكم بمجنون " قال الشعبي وميمون بن مهران وأبو صالح ومن تقدم ذكرهم المراد بقوله " وما صاحبكم بمجنون " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى (ولقد رآه بالأفق المبين) يعني ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح " بالأفق المبين " أي البين وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله " علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى " كما تقدم تفسير ذلك وتقريره والدليل عليه أن المراد بذلك جبريل عليه السلام.
والظاهر والله أعلم أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الاسراء لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهى الأولى وأما الثانية وهي المذكورة في قوله تعالى " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى " فتلك إنما ذكرت في سورة النجم وقد نزلت بعد سورة الإسراء. وقوله تعالى (وما هو على الغيب بظنين) أي وما محمد على ما أنزله الله إليه بظنين أي بمتهم ومنهم من قرأ ذلك بالضاد أي ببخيل بل يبذله لكل أحد. قال سفيان بن عيينية ظنين وضنين سواء أي ما هو بكاذب وما هو بفاجر. والظنين المتهم والضنين البخيل. وقال قتادة كان القرآن غيبا فأنزله الله على محمد فما ضن به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده. وكذا قال عكرمة وابن زيد وغير واحد واختار ابن جرير قراءه الضاد " قلت " وكلاهما متواتر ومعناه صحيح كما تقدم. وقوله تعالى (وما هو بقول شيطان رجيم) أي وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم أي لا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له كما قال تعالى " وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون " وقوله تعالى (فأين تذهبون) أي فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقا من عند الله عز وجل كما قال الصديق رضي الله عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين وأمرهم فتلوا عليه شيئا من قرآن مسيلمة الكذاب الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال: ويحكم أين تذهب عقولكم؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إل أي من إله وقال قتادة " فأين تذهبون " أي عن كتاب الله وعن طاعته.
وقوله تعالى (إن هو إلا ذكر للعالمين) أي هذا القرآن ذكر لجميع الناس يتذكرون به ويتعظون (لمن شاء منكم أن يستقيم) أي من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه منجاة له وهداية ولا هداية فيما سواه (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) أي ليست المشيئة موكولة إليكم فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل بل ذلك كله تابع لمشيئة الله تعالى رب العالمين. قال سفيان الثوري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى: لما نزلت هذه الآية " لمن شاء منكم أن يستقيم " قال أبو جهل: الامر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى