تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٥١٢
عن علي رضي الله عنه وقال ابن جرير يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبين. وقوله تعالى (إنه لقول رسول كريم) يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم أي ملك شريف حسن الخلق بهي المنظر وهو جبريل عليه الصلاة والسلام قاله ابن عباس والشعبي وميمون بن مهران والحسن وقتادة والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم " ذي قوة " كقوله تعالى " علمه شديد القوى ذو مرة " أي شديد الخلق شديد البطش والفعل " عند ذي العرش مكين " أي له مكانة عند الله عز وجل ومنزلة رفيعة قال أبو صالح في قوله تعالى " عند ذي العرش مكين " قال جبريل يدخل في سبعين حجابا من نور بغير إذن " مطاع ثم " أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملا الاعلى قال قتادة " مطاع ثم " أي في السماوات يعني ليس من أفناد الملائكة بل هو من السادة والاشراف معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمة.
وقوله تعالى " أمين " صفة لجبريل بالأمانة وهذا عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى " وما صاحبكم بمجنون " قال الشعبي وميمون بن مهران وأبو صالح ومن تقدم ذكرهم المراد بقوله " وما صاحبكم بمجنون " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى (ولقد رآه بالأفق المبين) يعني ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح " بالأفق المبين " أي البين وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله " علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى " كما تقدم تفسير ذلك وتقريره والدليل عليه أن المراد بذلك جبريل عليه السلام.
والظاهر والله أعلم أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الاسراء لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهى الأولى وأما الثانية وهي المذكورة في قوله تعالى " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى " فتلك إنما ذكرت في سورة النجم وقد نزلت بعد سورة الإسراء. وقوله تعالى (وما هو على الغيب بظنين) أي وما محمد على ما أنزله الله إليه بظنين أي بمتهم ومنهم من قرأ ذلك بالضاد أي ببخيل بل يبذله لكل أحد. قال سفيان بن عيينية ظنين وضنين سواء أي ما هو بكاذب وما هو بفاجر. والظنين المتهم والضنين البخيل. وقال قتادة كان القرآن غيبا فأنزله الله على محمد فما ضن به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده. وكذا قال عكرمة وابن زيد وغير واحد واختار ابن جرير قراءه الضاد " قلت " وكلاهما متواتر ومعناه صحيح كما تقدم. وقوله تعالى (وما هو بقول شيطان رجيم) أي وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم أي لا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له كما قال تعالى " وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون " وقوله تعالى (فأين تذهبون) أي فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقا من عند الله عز وجل كما قال الصديق رضي الله عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين وأمرهم فتلوا عليه شيئا من قرآن مسيلمة الكذاب الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال: ويحكم أين تذهب عقولكم؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إل أي من إله وقال قتادة " فأين تذهبون " أي عن كتاب الله وعن طاعته.
وقوله تعالى (إن هو إلا ذكر للعالمين) أي هذا القرآن ذكر لجميع الناس يتذكرون به ويتعظون (لمن شاء منكم أن يستقيم) أي من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه منجاة له وهداية ولا هداية فيما سواه (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) أي ليست المشيئة موكولة إليكم فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل بل ذلك كله تابع لمشيئة الله تعالى رب العالمين. قال سفيان الثوري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى: لما نزلت هذه الآية " لمن شاء منكم أن يستقيم " قال أبو جهل: الامر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615