وجنسه وعينه وإلا فهو وكل من قرأ هذه الآية يعلم أنه من نبات الأرض لقوله " فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا " وقوله تعالى (متاعا لكم ولأنعامكم) أي عيشة لكم ولأنعامكم في هذه الدار إلى يوم القيامة.
فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه (36) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه (37) وجوه يومئذ مسفرة (38) ضاحكة مستبشرة (39) ووجوه يومئذ عليها غبرة (40) ترهقها قترة (41) أولئك هم الكفرة الفجرة (42) قال ابن عباس: الصاخة اسم من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده. قال ابن جرير لعله اسم للنفخة في الصور وقال البغوي: الصاخة يعني صيحة يوم القيامة سميت بذلك لأنها تصخ الاسماع أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه). أي يراهم ويفر منهم ويبتعد منهم لان الهول عظيم والخطب جليل قال عكرمة: يلقى الرجل زوجته فيقول لها يا هذه أي بعل كنت لك؟ فتقول نعم البعل كنت وتثني بخير ما استطاعت فيقول لها فإني أطلب إليك اليوم حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين فتقول له أيسر ما طلبت ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخاف. قال وإن الرجل ليلقى ابنه فيتعلق به فيقول يا بني أي والد كنت لك؟ فيثني بخير فيقول له يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى فيقول ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبت ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف فلا أستطيع أن أعطيك شيئا يقول الله تعالى (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه). وفي الحديث الصحيح في أمر الشفاعة أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق يقول نفسي نفسي لا أسألك اليوم إلا نفسي حتى إن عيسى ابن مريم يقول لا أسأله اليوم إلا نفسي لا أسأله مريم التي ولدتني ولهذا قال تعالى (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) قال قتادة الأحب فالأحب والأقرب فالأقرب من هول ذلك اليوم. وقوله تعالى (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) أي هو في شغل شاغل عن غيره قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث حدثنا الوليد بن صالح حدثنا ثابت أبو زيد العباداني عن هلال بن خباب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تحشرون حفاة عراة مشاة غرلا " قال: فقالت زوجته يا رسول الله ننظر أو يرى بعضنا عورة بعض؟ قال " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " أو قال: ما أشغله عن النظر ".
وقد رواه النسائي منفردا به عن أبي داود عن عارم عن ثابت بن يزيد وهو ابن زيد الأحول البصري أحد الثقات عن هلال بن خباب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. وقد رواه الترمذي عن عبد الله بن حميد عن محمد بن الفضل عن ثابت بن زيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تحشرون حفاة عراة غرلا " فقالت امرأة أيبصر أو يرى بعضنا عورة بعض؟ قال " يا فلانة " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " ثم قال الترمذي وهذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال النسائي أخبرني عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثنا الزبيدي أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا " فقالت عائشة: يا رسول الله فكيف بالعورات؟ فقال " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " انفرد به النسائي من هذا الوجه ثم قال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أبي أزهر بن حاتم حدثنا الفضل ابن موسى عن عائذ بن شريح عن أنس بن مالك قال سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بأبي أنت