انكدرت " وكقوله تعالى " وإذا الكواكب انتثرت " " وإذا السماء فرجت " أي انفطرت وانشقت وتدلت أرجاؤها ووهت أطرافها (وإذا الجبال نسفت) أي ذهب بها فلا يبقى لها عين ولا أثر كقوله تعالى " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا " الآية وقال تعالى " ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ". وقوله تعالى (وإذا الرسل أقتت) قال العوفي عن ابن عباس جمعت. وقال ابن زيد وهذه كقوله تعالى " يوم يجمع الله الرسل " وقال مجاهد " أقتت " أجلت وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم " أقتت " أوعدت وكأنه يجعلها كقوله تعالى " وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ". ثم قال تعالى " لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين " يقول تعالى لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها حتى تقوم الساعة كما قال تعالى " فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار " وهو يوم الفصل كما قال تعالى " ليوم الفصل " ثم قال تعالى معظما لشأنه (وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين) أي ويل لهم من عذاب الله غدا وقد قدمنا في الحديث أن ويل واد في جهنم ولا يصح ألم نهلك الأولين (16) ثم نتبعهم الآخرين (17) كذلك نفعل بالمجرمين (18) ويل يومئذ للمكذبين (19) ألم نخلقكم من ماء مهين (20) فجعلناه في قرار مكين (21) إلى قدر معلوم (22) فقدرنا فنعم القادرون (23) ويل يومئذ للمكذبين (24) ألم نجعل الأرض كفاتا (25) أحياء وأمواتا (26) وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا (27) ويل يومئذ للمكذبين (28) يقول تعالى (ألم نهلك الأولى) يعني من المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به. (ثم نتبعهم الآخرين) أي ممن أشبههم ولهذا قال تعالى (كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين) قاله ابن جرير ثم قال تعالى ممتنا على خلقه ومحتجا على الإعادة بالبداءة (ألم نخلقكم من ماء مهين) أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة البارئ عز وجل كما تقدم في سورة يس في حديث بشر بن جحاش " ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه؟ " (فجعلناه في قرار مكين) يعني جمعناه في الرحم وهو قرار الماء من الرجل والمرأة والرحم معد لذلك حافظ لما أودع فيه من الماء. وقوله تعالى (إلى قدر معلوم) يعني إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر. ولذا قال تعالى (فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين) ثم قال تعالى (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا) قال ابن عباس كفاتا كنا وقال مجاهد يكفت الميت فلا يرى منه شئ وقال الشعبي بطنها لأمواتكم وظهرها لاحيائكم. وكذا قال مجاهد وقتادة (وجعلنا فيها رواسب شامخات) يعني الجبال رسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب " وأسقيناكم ماء فراتا " أي عذبا زلالا من السحاب أو مما أنبعه من عيون الأرض (ويل يومئذ للمكذبين) أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون (29) انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب (30) لا ظليل ولا يغنى من اللهب (31) إنها ترمى بشرر كالقصر (32) كأنه جمالت صفر (33) ويل يومئذ للمكذبين (34) هذا يوم لا ينطقون (35) ولا يؤذن لهم فيعتذرون (36) ويل يومئذ للمكذبين (37) هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين (38) فإن كان لكم كيد