مسعود رضي الله عنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه " والمرسلات " فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اقتلوها " فابتدرناها فذهبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم " وقيت شركم كما وقيتم شرها " وأخرجه مسلم أيضا من طريق الأعمش.
وقال الإمام أحمد ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن أمه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا وفي رواية مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن أم الفضل سمعته يقرأ " والمرسلات عرفا " فقال يا بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب أخرجاه في الصحيحين من طريق مالك به.
بسم الله الرحمن الرحيم والمرسلات عرفا (1) فالعاصفات عصفا (2) والناشرات نشرا (3) فالفارقات فرقا (4) فالملقيات ذكرا (5) عذرا أو نذرا (6) إنما توعدون لواقع (7) فإذا النجوم طمست (8) وإذا السماء فرجت (9) وإذا الجبال نسفت (10) وإذا الرسل أقتت (11) لأي يوم أجلت (12) ليوم الفصل (13) وما أدراك ما يوم الفصل (14) ويل يومئذ للمكذبين (15) قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا زكريا بن سهل المروزي ثنا علي بن الحسن بن شقيق أنا الحسين بن واقد ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة " والمرسلات عرفا " قال الملائكة وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات والسدي والربيع بن أنس مثل ذلك وروى عن أبي صالح أنه قال هي الرسل وفي رواية عنه أنها الملائكة وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات أنها الملائكة.
وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال سألت ابن مسعود عن المرسلات عرفا قال الريح وكذا قال في (العاصفات عصفا والناشرات نشرا) إنها الريح وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه وتوقف ابن جرير في " والمرسلات عرفا " هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضا أو هي الرياح إذا هبت شيئا فشيئا؟ وقطع بأن العاصفات عصفا الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه وممن قال ذلك في العاصفات عصفا أيضا علي بن أبي طالب والسدي وتوقف في الناشرات نشرا هل هي الملائكة أو الريح كما تقدم وعن أبي صالح أن الناشرات نشرا هي المطر. والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالى " وأرسلنا الرياح لواقح " وقال تعالى " وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته " وهكذا العاصفات هي الرياح يقال عصفت الرياح إذا هبت بتصويت. وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل. وقوله تعالى (فالفارقات فرقا * فالملقيات ذكرا * عذرا أو نذرا) يعني الملائكة قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل الهدى والغي والحلال والحرام.
وتلقي إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره. وقوله تعالى (إنما توعدون لواقع) هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام أي ما وعدتم به من قيام الساعة والنفخ في الصور وبعث الأجساد وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ومجازاة كل عامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر إن هذا كله لواقع أي لكائن لا محالة. ثم قال تعالى (فإذا النجوم طمست) أي ذهب ضوؤها كقوله تعالى " وإذا النجوم