بيده هو قول محمد صلى الله عليه وسلم " لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتا إلى يوم القيامة " وقال في موضع آخر حدثنا أبو عامر حدثنا أبو بكر عن هشام عن محمد وهو ابن سيرين عن أبي هريرة قال دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها وإلى التنور فسجرته ثم قالت اللهم ارزقنا فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت قال وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا قال فرجع الزوج فقال أصبتم بعدي شيئا قالت امرأته نعم من ربنا فأم إلى الرحى فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أما إنه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة ".
وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا (8) فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا (9) أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا (10) رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا (11) يقول تعالى متوعدا لمن خالف أمره وكذب رسله وسلك غير ما شرعه ومخبرا عما حل بالأمم السالفة بسبب ذلك فقال تعالى " وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله " أي تمردت وطغت واستكبرت عن اتباع أمر الله ومتابعة رسله " فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا " أي منكرا فظيعا " فذاقت وبال امرها " أي غب مخالفتها وندموا حيث لا ينفعهم الندم " وكان عاقبة أمرها خسرا * أعد الله لهم عذابا شديدا " أي في الدار الآخرة مع ما عجل لهم من العذاب في الدنيا ثم قال تعالى بعدما قص من خبر هؤلاء " فاتقوا الله يا أولي الألباب " أي الافهام المستقيمة لا تكونوا مثلهم فيصيبكم ما أصابهم يا أولي الألباب " الذين آمنوا " أي صدقوا بالله ورسوله " قد أنزل الله إليكم ذكرا " يعني القرآن كقوله تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " وقوله تعالى " رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات " قال بعضهم رسولا منصوب على أنه بدل اشتمال وملابسة لان الرسول هو الذي بلغ الذكر. وقال ابن جرير: الصواب أن الرسول ترجمة عن الذكر يعني تفسير له ولهذا قال تعالى " رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات " أي في حال كونها بينة واضحة جلية " ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور " كقوله تعالى " كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور " وقال تعالى " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " أي من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الايمان والعلم وقد سمى الله تعالى الوحي الذي أنزله نورا لما يحصل به من الهدى كما سماه روحا لما يحصل به من حياة القلوب فقال تعالى " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم " وقوله تعالى " ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا " قد تقدم تفسير مثل هذا غير مرة بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة.
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما (12) يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم " الله الذي خلق سبع سماوات " كقوله تعالى إخبارا عن نوح أنه قال لقومه " ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات