سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلا لم يرتحل حتى يصلي فيه فلما كانت غزوة تبوك بلغه أن عبد الله ابن أبي بن سلول قال ليخرجن الأعز منها الأذل فارتحل قبل أن ينزل آخر النهار وقيل لعبد الله بن أبي ائت النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر لك فأنزل الله تعالى " إذا جاءك المنافقون - إلى قوله - وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم " وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير وقوله إن ذلك كان في غزوة تبوك فيه نظر بل ليس بجيد فإن عبد الله بن أبي بن سلول لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك بل رجع بطائفة من الجيش وإنما المشهور عند أصحاب المغازي والسير أن ذلك كان في غزوة المريسيع وهي غزوة بني المصطلق وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني محمد بن يحي بن حبان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة في قصة بني المصطلق فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء جهجاه بن سعيد الغفاري وكان أجيرا لعمر بن الخطاب وسنان بن يزيد قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال ازدحما على الماء فاقتتلا فقال سنان يا معشر الأنصار وقال الجهجاه يا معشر المهاجرين وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد الله بن أبي فلما سمعها قال قد ثاورونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ثم أقبل على من عنده من قومه وقال هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم في بلادكم إلى غيرها فسمعها زيد ابن أرقم رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غليم عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبره الخبر فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله مر عباد بن بشر فليضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا ولكن ناد يا عمر الرحيل " فلما بلغ عبد الله بن أبي أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فاعتذر إليه وحلف بالله ما قال ما قال عليه زيد بن أرقم وكان عند قومه بمكان فقالوا يا رسول الله عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرا في ساعة كان لا يروح فيها فلقيه أسيد بن الحضير رضي الله عنه فسلم عليه بتحية النبوة ثم قال والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبي؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل " قال فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل ثم قال ارفق به يا رسول الله فوالله لقد جاء الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه فإنه ليرى أن قد سلبته ملكا فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا وصدر يومه حتى اشتد الضحى ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا ونزلت سورة المنافقين. وقال الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمر بن دينار سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بال دعوى الجاهلية؟ دعوها فإنها منتنة " وقال عبد الله بن أبي بن سلول وقد فعلوها: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال جابر وكان الأنصار بالمدينة أكثر من المهاجرين حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كثر المهاجرون بعد ذلك فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم " دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " ورواه الإمام أحمد عن حسين بن محمد المروزي عن سفيان بن عيينة ورواه البخاري عن الحميدي ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان به نحوه. وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال عبد الله بن أبي لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته قال فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يكن شئ من ذلك قال فلامني قومي وقالوا ما أردت إلى هذا؟ قال فانطلقت فنمت كئيبا حزينا قال فأرسل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال " إن الله قد أنزل عذرك وصدقك " قال فنزلت هذه الآية " هم
(٣٩٥)