مالك عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: لما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضيهم فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " لم يخرجوه عن هذا الوجه وهو صحيح على شرط الشيخين قوله " وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون " تأكيد لما تقدم من الامر بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون (180) وسلام على المرسلين (181) والحمد لله رب العالمين (182) ينزه تبارك وتعالى نفسه ويقدسها ويبرئها عما يقول الظالمون المكذبون المعتدون تعالى وتنزه وتقدس عن قولهم علوا كبيرا ولهذا قال تبارك وتعالى " سبحان ربك رب العزة " أي ذي العزة التي لا ترام " عما يصفون " أي عن قول هؤلاء المعتدين المفترين " وسلام على المرسلين " أي سلام الله عليهم في الدنيا والآخرة لسلامة ما قالوه في ربهم وصحته وحقيته " والحمد لله رب العالمين " أي له الحمد في الأولى والآخرة في كل حال ولما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرأة من النقص بدلالة المطابقة ويستلزم إثبات الكمال كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال مطابقة ويستلزم التنزيه من النقص قرن بينهما في هذا الموضع وفي مواضع كثيرة من القرآن ولهذا قال تبارك وتعالى " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين " وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فأنا رسول من المرسلين " هكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سعيد عنه كذلك وقد أسنده ابن أبي حاتم رحمه الله فقال حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو بكر الأعين ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة قالا حدثنا حسين بن محمد حدثنا شيبان عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين " وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا نوح حدثنا أبو هارون عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد أن يسلم قال " سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " ثم يسلم إسناده ضعيف وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمار بن خالد الواسطي حدثنا شبابة عن يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الاجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين " وروي من وجه آخر متصل موقوف على علي رضي الله عنه قال أبو محمد البغوي في تفسيره أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرني ابن منجويه حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا إبراهيم بن سهلويه حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا وكيع عن ثابت بن أبي صفية عن الأصبغ بن نباتة عن علي رضي الله عنه قال: من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الاجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه في مجلسه " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين ". وروى الطبراني من طريق عبد الله بن صخر بن أنس عن عبد الله بن زيد بن أرقم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " من قال دبر كل صلاة " سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين " ثلاث مرات فقد اكتال بالجريب الأوفى من الاجر " وقد وردت أحاديث في كفارة المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. وقد أفردت لها جزءا على حدة والله سبحانه وتعالى أعلم.