ومنهم من جرز الجر بها وأنشد:
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء وأنشد بعضهم أيضا:
* ولات ساعة مندم * بخفض الساعة وأهل اللغة يقولون النوص التأخر والبوص التقدم ولهذا قال تبارك وتعالى " ولات حين مناص " أي ليس الحين حين فرار ولا ذهاب والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب.
وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب (4) أجعل الألهة إلاها واحدا إن هذا لشئ عجاب (5) وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على الهتكم إن هذا لشئ يراد (6) ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن إلا اختلاق (7) أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكرى بل لما يذوقوا عذاب (8) أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب (9) أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب (10) جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب (11) يقول تعالى مخبرا عن المشركين في تعجيهم من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيرا نذيرا كما قال عز وجل " أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين " وقال جل وعلا ههنا " وعجبوا أن جاءهم منذر منهم " أي بشر مثلهم وقال الكافرون " هذا ساحر كذاب * أجعل الآلهة إلها واحدا " أي أزعم أن المعبود واحد لا إله إلا هو؟ أنكر المشركون ذلك قبحهم الله تعالى وتعجبوا من ترك الشرك بالله فإنهم قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأشربته قلوبهم فلما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الاله بالوحدانية أعظموا ذلك وتعجبوا وقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب * وانطلق الملا منهم " وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين " امشوا " أي استمروا على دينكم " واصبروا على آلهتكم " ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد وقوله تعالى " إن هذا لشئ يراد " قال ابن جرير إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد لشئ يريد به الشرف عليكم والاستعلاء وأن يكون له منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه " ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمات " قال السدي إن ناسا من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش فقال بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى أبى طالب فلنكلمه فيه فلينصفنا منه فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبده فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا إليه شئ فتعيرنا به العرب يقولون تركوه حتى إذا مات عنه تناولوه فبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب فاستأذن لهم على أبي طالب فقال هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم يستأذنون عليك قال أدخلهم فلما دخلوا عليه قالوا يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك فمره فليكف عن شتم آلهتنا ندعه وإلهه قال فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك قال صلى الله عليه وسلم " يا عم أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم؟ " قال وإلام تدعوهم؟ قال صلى الله عليه وسلم " أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم " فقال أبو جهل لعنه الله من بين القوم ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها قال صلى الله عليه وسلم " تقولون لا إله إلا الله "