الملائكة " وإنا لنحن الصافون " الملائكة " وإنا لنحن المسبحون " الملائكة نسبح الله عز وجل. وقال قتادة " وإنا لنحن المسبحون " يعني المصلون يثبتون بمكانهم من العبادة كما قال تبارك وتعالى " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ". قوله جل وعلا " وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين " أي قد كانوا يتمنون قبل أن تأتيهم يا محمد لو كان عندهم من يذكرهم بأمر الله وما كان من أمر القرون الأولى ويأتيهم بكتاب الله كما قال جل جلاله " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا " وقال تعالى " أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين * أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون " ولهذا قال تعالى ههنا " فكفروا به فسوف يعلمون " وعيد أكيد وتهديد شديد على كفرهم بربهم عز وجل وتكذيبهم رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (171) إنهم لهم المنصورون (172) وإن جندنا لهم الغالبون (173) فتول عنهم حتى حين (174) وأبصرهم فسوف يبصرون (175) أفبعذابنا يستعجلون (176) فإذا نزل بساحتهم فسآء صباح المنذرين (177) وتول عنهم حتى حين (178) وأبصر فسوف يبصرون (179) يقول تبارك وتعالى " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين " أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والآخرة كما قال تعالى " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " وقال عز وجل " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد " ولهذا قال جل جلاله " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون " أي في الدنيا والآخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين " وإن جندنا لهم الغالبون " أي تكون لهم العاقبة وقوله جل وعلا " فتول عنهم حتى حين " أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر ولهذا قال بعضهم غيا ذلك إلي يوم بدر وما بعدها أيضا في معناها وقوله جلت عظمته " وأبصرهم فسوف يبصرون " أي انظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفيك وتكذيبك ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد " فسوف يبصرون " ثم قال عز وجل " أفبعذابنا يستعجلون " أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك فإن الله تعالى يغضب عليهم بذلك ويجعل لهم العقوبة ومع هذا أيضا كانوا من كفرهم وعنادهم يستعجلون العذاب والعقوبة قال الله تبارك تعالى " فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين " أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم وقال السدي " فإذا نزل بساحتهم " يعنى بدارهم " فساء صباح المنذرين " أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " ورواه البخاري من حديث مالك عن حميد عن أنس رضي الله عنه وقال الإمام أحمد حدثنا روح حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن