غريب رواه ابن أبي حاتم من حديث زهير به قال ابن جرير: وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول في ذلك معناه إلى المائة الألف أو كانوا يزيدون عندكم يقول كذلك كانوا عندكم ولهذا سلك ابن جرير ههنا ما سلكه عند قوله تعالى " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة " وقوله تعالى " إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية " وقوله تعالى " فكان قاب قوسين أو أدنى " المراد ليس أنقص من ذلك بل أزيد وقوله تعالى " فآمنوا " أي فآمن هؤلاء القوم الذين أرسل إليهم يونس عليه السلام جميعهم " فمتعناهم إلى حين " أي إلى وقت آجالهم كقوله جلت عظمته " فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ".
فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون (149) أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون (150) ألا إنهم من إفكهم ليقولون (151) ولد الله وإنهم لكاذبون (152) أصطفى البنات على البنين (153) مالكم كيف تحكمون (154) أفلا تذكرون (155) أم لكم سلطان مبين (156) فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين (157) وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون (158) سبحان الله عما يصفون (159) إلا عباد الله المخلصين (160) يقول تعالى منكرا على هؤلاء المشركين في جعلهم لله تعالى البنات سبحانه ولهم ما يشتهون أي من الذكور أي يودون لأنفسهم الجيد " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم " أي يسوؤه ذلك ولا يختار لنفسه إلا البنين يقول عز وجل فكيف نسبوا إلى الله تعالى القسم الذي لا يختارونه لأنفسهم ولهذا قال تعالى " فاستفتهم " أي سلهم على سبيل الانكار عليهم " ألربك البنات ولهم البنون " كقوله عز وجل " ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى ". وقوله تبارك وتعالى " أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون " أي كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث وما شاهدوا خلقهم كقوله جل وعلا " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون " أي يسئلون عن ذلك يوم القيامة وقوله جلت عظمته " ألا إنهم من إفكهم " أي من كذبهم " ليقولون ولد الله " أي صدر منه الولد " وإنهم لكاذبون " فذكر الله تعالى عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال في غاية الكفر والكذب فأولا جعلوهم بنات الله فجعلوا لله ولدا تعالى وتقدس وجعلوا ذلك الولد أنثى ثم عبدوهم من دون الله تعالى وتقدس وكل منها كاف في التخليد في نار جهنم ثم قال تعالى منكرا عليهم " أصطفى البنات على البنين " أي أي شئ يحمله عن أن يختار البنات دون البنين كقوله عز وجل " أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما " ولهذا قال تبارك وتعالى " مالكم كيف تحكمون " أي ما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون " أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين " أي حجة على ما تقولونه؟ " فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين " أي هاتوا برهانا على ذلك يكون مستندا إلى كتاب منزل من السماء عن الله تعالى أنه اتخذ ما تقولونه فإن ما تقولونه لا يمكن استناده إلى عقل بل لا يجوزه العقل بالكلية. وقوله تعالى " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا " قال مجاهد قال المشركون الملائكة بنات الله تعالى فقال أبو بكر رضي الله عنه فمن أمهاتهن؟ قالوا بنات سروات الجن وكذا قال قتادة وابن زيد ولهذا قال تبارك وتعالى " ولقد علمت الجنة " أي الذين نسبوا إليهم ذلك " إنهم لمحضرون " أي إن الذين قالوا ذلك لمحضرون في العذاب يوم الحساب لكذبهم في ذلك وافترائهم وقولهم الباطل بلا علم وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا " قال زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان تعالى الله عن ذلك