ماله من دافع " قال قسم ورب الكعبة حق فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث مليا ثم رجع إلى منزله فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه وقال الإمام أبو عبيد في فضائل القرآن حدثنا محمد بن صالح حدثنا هشام بن حسان عن الحسن أن عمر قرأ " إن عذاب ربك لواقع * ماله من دافع " فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوما. وقوله تعالى (يوم تمور السماء مورا) قال ابن عباس وقتادة: تتحرك تحريكا وعن ابن عباس هو تشققها وقال مجاهد: تدور دورا وقال الضحاك: استدارتها وتحركها لأمر الله وموج بعضها في بعض وهذا اختيار ابن جرير إنه التحرك في استدارة. قال وأنشد أبو عبيدة معمر بن المثنى بيت الأعشى فقال:
كأن مشيتها من بيت جارتها * مور السحابة لا ريث ولا عجل.
(وتسير الجبال سيرا) أي تذهب فتصير هباء منبثا وتنسف نسفا (فويل يومئذ للمكذبين) أي ويل لهم ذلك اليوم من عذاب الله ونكاله بهم وعقابه لهم (الذين هم في خوض يلعبون) أي هم في الدنيا يخوضون في الباطل ويتخذون دينهم هزوا ولعبا " يوم يدعون " أي يدفعون ويساقون " إلى نار جهنم دعا " وقال مجاهد والشعبي ومحمد بن كعب والضحاك والسدي والثوري يدفعون فيها دفعا (هذه النار التي كنتم بها تكذبون) أي تقول له الزبانية ذلك تقريعا وتوبيخا " أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها " أي ادخلوها دخول من تغمره من جميع جهاته " فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم " أي سواء صبرتم على عذابها ونكالها أم لم تصبروا لا محيد لكم عنها ولا خلاص لكم منها و " إنما تجزون ما كنتم تعملون " أي ولا يظلم الله أحدا بل يجازي كلا بعمله.
إن المتقين في جنات ونعيم (17) فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم (18) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون (19) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين (20) أخبر الله تعالى عن حال السعداء فقال " إن المتقين في جنات ونعيم " وذلك بضد ما أولئك فيه من العذاب والنكال " فاكهين بما آتاهم ربهم " أي يتفكهون بما آتاهم الله من النعيم من أصناف الملاذ من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك " ووقاهم ربهم عذاب الجحيم " أي وقد نجاهم من عذاب النار وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حدتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة التي فيها من السرور مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقوله تعالى " كلوا وأشربوا هنيئا بما كنتم تعملون) كقوله تعالى (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية " أي هذا بذاك تفضلا منه وإحسانا وقوله تعالى " متكئين على سرر مصفوفة " قال الثوري عن حصين عن مجاهد عن ابن عباس السرر في الحجال وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو اليمان حدثنا صفوان بن عمرو أنه سمع الهيثم بن مالك الطائي يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه ". وحدثنا أبي أخبرنا هدبة بن خالد عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال بلغنا أن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن رآهن قبل ذلك فيقلن قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا ومعنى " مصفوفة " أي وجوه بعضهم إلى بعض كقوله " على سرر متقابلين " " وزوجناهم بحور عين " أي وجعلنا لهم قرينات صالحات وزوجات حسان من الحور العين وقال مجاهد " وزوجناهم " أنكحناهم بحور عين وقد تقدم وصفهم في غير موضع بما أغنى عن إعادته ههنا.