قلابة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن من ورائكم الكذاب المضل وإن رأسه من ورائه حبكا حبكا " يعني بالحبك الجعودة وعن أبي صالح " ذات الحبك " الشدة وقال خصيف " ذات الحبك " ذات الصفافة وقال الحسن بن أبي الحسن البصري " ذات الحبك " حبكت بالنجوم. وقال قتادة عن سالم بن أبي عن معدان بن أبي طلحة عن عمرو البكالي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " والسماء ذات الحبك " يعني السماء السابعة وكأنه والله أعلم أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع والله أعلم. وكل هذه الأقوال ترجع إلى شئ واحد وهو الحسن والبهاء كما قال ابن عباس رضي الله عنهما فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة شديدة البناء متسعة الارجاء أنيقة البهاء مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات. وقوله تعالى (إنكم لفي قول مختلف) أي إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب لا يلتئم ولا يجتمع وقال قتادة إنكم لفي قول مختلف ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به. (يؤفك عنه من أفك) أي إنما يروج على من هو ضال في نفسه لأنه قول باطل إنما ينقاد له ويضل بسببه ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غمر لا فهم له كما قال تعالى " فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بقانتين * إلا من هو صال الجحيم " قال ابن عباس رضي الله عنهما والسدي " يؤفك عنه من أفك " يضل عنه من ضل وقال مجاهد " يؤفك عنه من أفك " يؤفن عنه من أفن وقال الحسن البصري يصرف عن هذا القرآن من كذب به. وقوله تعالى " قتل الخراصون " قال مجاهد الكذابون قال وهي مثل التي في عبس " قتل الانسان ما أكفره " والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون. وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما " قتل الخراصون " أي لعن المرتابون. وهكذا كان معاذ رضي الله عنه يقول في خطبته هلك المرتابون وقال قتادة الخراصون أهل الغرة والظنون وقوله تبارك وتعالى (الذين هم في غمرة ساهون) قال ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد في الكفر والشك غافلون لاهون (يسألون أيان يوم الدين) وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا قال الله تعالى (يوم هم على النار يفتنون). قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد يفتنون يعذبون قال مجاهد كما يفتن الذهب على النار وقال جماعة آخرون كمجاهد أيضا وعكرمة وإبراهيم النخعي وزيد بن أسلم وسفيان الثوري يفتنون يحرقون " ذوقوا فتنتكم " قال مجاهد حريقكم وقال غيره عذابكم " هذا الذي كنتم به تستعجلون " أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا والله أعلم.
إن المتقين في جنات وعيون (15) آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (16) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالاسحار هم يستغفرون (18) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم (19) وفي الأرض آيات للموقنين (20) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21) وفي السماء رزقكم وما توعدون (22) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون (23) يقول تعالى مخبرا عن المتقين لله عز وجل أنهم يوم معادهم يكونون في جنات وعيون بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من العذاب والنكال والحريق والأغلال. وقوله تعالى (آخذين ما آتاهم ربهم) قال ابن جرير أي عاملين بما آتاهم الله من الفرائض " إنهم كانوا قبل ذلك محسنين " أي قبل أن يفرض عليهم الفرائض كانوا محسنين في