يقول لصاحبه إن هذا لحق كما أنك ههنا قال مسدد عن ابن أبي عدى عن عوف عن الحسن البصري قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا " ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن فذكره مرسلا.
هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون (25) فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين (26) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم (28) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم (29) قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (30) هذه القصة قد تقدمت في سورة هود والحجر أيضا فقوله " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين " أي الذين أرصد لهم الكرامة وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل. وقوله تعالى (قالا سلاما قال سلام) الرفع أقوى وأثبت من النصب فرده أفضل من التسليم ولهذا قال تعالى " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " فالخليل اختار الأفضل وقوله تعالى " قوم منكرون " وذلك أن الملائكة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قدموا عليه في صورة شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ولهذا قال " قوم منكرون ". وقوله عز وجل " فراغ إلى أهله " أي انسل خفية في سرعة " فجاء بعجل سمين " أي من خيار ماله وفي الآية الأخرى " فما لبث أن جاء بعجل حنيذ " أي مشوي على الرضف " فقربه إليهم " أي أدناه منهم " قال ألا تأكلون " تلطف في العبارة وعرض حسن وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام من حيث لا يشعرون بسرعة ولم يمتن عليهم أولا فقال نأتيكم بطعام بل جاء به بسرعة وخفاء وأتى بأفضل ما وجد من ماله وهو عجل فتي سمين مشوي فقربه إليهم لم يضعه وقال اقتربوا بل وضعه بين أيديهم ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم بل قال " ألا تأكلون " على سبيل العرض والتلطف كما يقول القائل اليوم إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق فافعل. وقوله تعالى (فأوجس منهم خيفة) هذا محال على ما تقدم في القصة في السورة الأخرى وهي قوله تعالى " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت " أي استبشرت بهلاكهم لتمردهم وعتوهم على الله تعالى فعند ذلك بشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا " وبشروه بغلام عليم " فالبشارة له هي بشارة لها لان الولد منهما فكل منهما بشر به. وقوله تعالى (فأقبلت امرأته في صرة) أي في صرخة عظيمة ورنة قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها " يا ويلتا " " فصكت وجهها " أي ضربت بيدها على جبينها قاله مجاهد وابن سابط وقال ابن عباس رضي الله عنهما لطمت أي تعجبا كما تتعجب النساء من الامر الغريب " وقالت عجوز عقيم " أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنت في حال الصبا عقيما لا أحبل؟ (قالوا كذلك قال ربك أنه هو الحكيم العليم) أي عليم بما تستحقون من الكرامة حكيم في أقواله وأفعاله.