تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ١٩٨
عبد الله بن وهب به. وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن عون الخراز وكان ثقة بمكة حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر عن قتادة عن أنس قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه - أو قال ساقاه - فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال " أفلا أكون عبدا شكورا " غريب من هذا الوجه فقوله " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " أي بينا ظاهرا والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض وتكلم المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع والايمان وقوله تعالى " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه لا من الأولين ولا من الآخرين وهو صلى الله عليه وسلم أكمل البشر على الاطلاق وسيدهم في الدنيا والآخرة ولما كان أطوع خلق الله تعالى وأشدهم تعظيما لأوامره ونواهيه قال حين بركت به الناقة " حبسها حابس الفيل " ثم قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم شيئا يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها " فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح قال الله تعالى له " إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك " أي في الدنيا والآخرة " ويهديك صراطا مستقيما " أي بما يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم (وينصرك الله نصرا عزيزا) أي بسبب خضوعك لأمر الله عز وجل يرفعك الله وينصرك على أعدائك كما جاء في الحديث الصحيح " وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله عز وجل إلا رفعه الله تعالى " وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما عاقبت أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تبارك وتعالى فيه.
هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما (4) ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما (5) ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا (6) ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما (7) يقول تعالى " هو الذي أنزل السكينة " أي جعل الطمأنينة قاله ابن عباس رضي الله عنهما وعنه الرحمة وقال قتادة الوقار في قلوب المؤمنين وهم الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت زادهم إيمانا مع إيمانهم وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الايمان في القلوب ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين فقال سبحانه وتعالى " ولله جنود السماوات والأرض " أي ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة والبراهين الدامغة ولهذا قال جلت عظمته " وكان الله عليما حكيما ".
ثم قال عز وجل (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) قد تقدم حديث أنس رضي الله عنه حين قالوا هنيئا لك يا رسول الله هذا لك فما لنا؟ فأنزل الله تعالى " ليدخل المؤمنين
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615