عبد الله بن وهب به. وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن عون الخراز وكان ثقة بمكة حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر عن قتادة عن أنس قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه - أو قال ساقاه - فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال " أفلا أكون عبدا شكورا " غريب من هذا الوجه فقوله " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " أي بينا ظاهرا والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض وتكلم المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع والايمان وقوله تعالى " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه لا من الأولين ولا من الآخرين وهو صلى الله عليه وسلم أكمل البشر على الاطلاق وسيدهم في الدنيا والآخرة ولما كان أطوع خلق الله تعالى وأشدهم تعظيما لأوامره ونواهيه قال حين بركت به الناقة " حبسها حابس الفيل " ثم قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم شيئا يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها " فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح قال الله تعالى له " إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك " أي في الدنيا والآخرة " ويهديك صراطا مستقيما " أي بما يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم (وينصرك الله نصرا عزيزا) أي بسبب خضوعك لأمر الله عز وجل يرفعك الله وينصرك على أعدائك كما جاء في الحديث الصحيح " وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله عز وجل إلا رفعه الله تعالى " وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما عاقبت أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تبارك وتعالى فيه.
هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما (4) ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما (5) ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا (6) ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما (7) يقول تعالى " هو الذي أنزل السكينة " أي جعل الطمأنينة قاله ابن عباس رضي الله عنهما وعنه الرحمة وقال قتادة الوقار في قلوب المؤمنين وهم الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت زادهم إيمانا مع إيمانهم وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الايمان في القلوب ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين فقال سبحانه وتعالى " ولله جنود السماوات والأرض " أي ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة والبراهين الدامغة ولهذا قال جلت عظمته " وكان الله عليما حكيما ".
ثم قال عز وجل (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) قد تقدم حديث أنس رضي الله عنه حين قالوا هنيئا لك يا رسول الله هذا لك فما لنا؟ فأنزل الله تعالى " ليدخل المؤمنين