سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا (15) يقول تعالى مخبرا عن الاعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية إذ ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى خيبر يفتحونها أنهم يسألون أن يخرجوا معهم إلى المغنم وقد تخلفوا عن وقت محاربة الأعداء ومجالدتهم ومصابرتهم فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يأذن لهم في ذلك معاقبة لهم من جنس ذنبهم فإن الله تعالى قد وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم لا يشاركهم فيها غيرهم من الاعراب المتخلفين فلا يقع غير ذلك شرعا ولا قدرا ولهذا قال تعالى " يريدون أن يبدلوا كلام الله " قال مجاهد وقتادة وجويبر وهو الوعد الذي وعد به أهل الحديبية واختاره ابن جرير. وقال ابن زيد هو قوله تعالى " فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين " وهذا الذي قاله ابن زيد فيه نظر لأن هذه الآية التي في براءة نزلت في غزوة تبوك وهي متأخرة عن عمرة الحديبية وقال ابن جريج " يريدون أن يبدلوا كلام الله " يعني بتثبيطهم المسلمين عن الجهاد " قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل " أي وعد الله أهل الحديبية قبل سؤالكم الخروج معهم " فسيقولون بل تحسدوننا " أي أن نشرككم في المغانم " بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا " أي ليس الامر كما زعموا ولكن لا فهم لهم قل للمخلفين من الاعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما (16) ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما (17) اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين يدعون إليهم الذين هم أولو بأس شديد على أقوال " أحدها " أنهم هوازن رواه شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أو عكرمة أو جميعا ورواه هشيم عن أبي بشر عنهما وبه يقول قتادة في رواية عنه " الثاني " ثقيف قاله الضحاك " الثالث " بنو حنيفة قاله جويبر ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري وروى مثله عن سعيد وعكرمة " الرابع " هم أهل فارس رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه يقول عطاء ومجاهد وعكرمة في إحدى الروايات عنه وقال كعب الأحبار هم الروم وعن ابن أبي ليلى وعطاء والحسن وقتادة وهم فارس والروم وعن مجاهد هم أهل الأوثان وعنه أيضا هم رجال أولو بأس شديد ولم يعين فرقة وبه يقول ابن جريج وهو اختيار ابن جرير وقال ابن أبي حاتم حدثنا الأشج حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق القواريري عن معمر عن الزهري في قوله تعالى " ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد " قال لم يأت أولئك بعد وحدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن ابن أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى " ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد " قال هم البارزون قال وحدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة " قال سفيان هم الترك قال ابن أبي عمر وجدت في مكان آخر حدثنا ابن
(٢٠٤)