أبي خالد عن أبيه قال نزل علينا أبو هريرة رضي الله عنه ففسر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " تقاتلوا قوما نعالهم الشعر " قال هم البارزون يعني الأكراد وقوله تعالى " تقاتلونهم أو يسلمون " يعني شرع لكم جهادهم وقتالهم فلا يزال ذلك مستمرا عليهم ولكم النصرة عليهم أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار ثم قال عز وجل " فإن تطيعوا " أي تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه " يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل " يعني زمن الحديبية حيث دعيتم فتخلفتم " يعذبكم عذابا أليما ". ثم ذكر تعالى الاعذار في ترك الجهاد فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر وعارض كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ ثم قال تبارك وتعالى مرغبا في الجهاد وطاعة الله ورسوله " ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول " أي ينكل عن الجهاد ويقبل على المعاش " يعذبه عذابا أليما " في الدنيا بالمذلة وفي الآخرة بالنار والله تعالى أعلم.
* لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا (18) ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما (19) يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة وقد تقدم ذكر عدتهم وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية. قال البخاري حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق أن عبد الرحمن رضي الله عنه قال انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت ما هذا المسجد؟ قالوا هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم.
وقوله تعالى " فعلم ما في قلوبهم " أي من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " فأنزل السكينة " وهي الطمأنينة " عليهم وأثابهم فتحا قريبا " وهو ما أجرى الله عز وجل على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم وما حصل بذلك من الخير العام والمستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة ولهذا قال تعالى (ومغانم كثيرة تأخذونها وكان الله عزيزا حكيما) قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيد الله بن موسى يعني ابن عبيدة حدثني إياس بن سلمة عن أبيه قال. بينما نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس قال فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول الله تعالى " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة " قال فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه بإحدى يديه على الأخرى فقال الناس هنيئا لابن عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف ".
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما (20) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا (21) ولو قاتلكم الذين