أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من يصعد الثنية ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل " فكان أول من صعد خيل بني الخزرج ثم تبادر الناس بعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم " كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر " فقلنا تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله لان أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم فإذا هو رجل ينشد ضالة رواه مسلم عن عبيد الله به وقال ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا رضي الله عنه يقول أخبرتني أم مبشر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة رضي الله عنها " لا يدخل النار إن شاء الله تعالى من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها أحد " قالت بلى يا رسول الله فانتهرها فقالت حفصة رضي الله عنها " وإن منكم إلا واردها " فقال النبي صلى الله عليه وسلم " قد قال الله تعالى " ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " رواه مسلم وفيه أيضا عن قتيبة عن الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: إن عبدا لحاطب بن أبي بلتعة جاء يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدرا والحديبية " ولهذا قال تعالى في الثناء عليهم " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " كما قال عز وجل في الآية الأخرى " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ".
سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا (11) بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا (12) ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا (13) ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما (14) يقول تعالى مخبرا رسوله صلى الله عليه وسلم بما يعتذر به المخلفون من الاعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا بشغلهم بذلك وسألوا أن يستغفر لهم الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك قول منهم لا على سبيل الاعتقاد بل على وجه التقية والمصانعة ولهذا قال تعالى " يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا " أي لا يقدر أحدا أن يرد ما أراده الله فيكم تعالى وتقدس وهو العليم بسرائركم وضمائركم وإن صانعتمونا ونافقتمونا ولهذا قال تعالى " بل كان الله بما تعملون خبيرا " ثم قال تعالى (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا) أي لم يكن تخلفكم تخلف معذور ولا عاص بل تخلف نفاق " بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا " أي اعتقدتم أنهم يقتلون وتستأصل شأفتهم وتستباد خضراؤهم ولا يرجع منهم مخبر " وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا " أي هلكى قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وغير واحد وقال قتادة فاسدين وقيل هي لغة عمان. ثم قال تعالى (ومن لم يؤمن بالله ورسوله) أي من لم يخلص العمل في الظاهر والباطن لله فإن الله تعالى سيعذبه في السعير وإن أظهر للناس ما يعتقدون خلاف ما هو عليه في نفس الامر. ثم بين تعالى أنه الحاكم المالك المتصرف في أهل السماوات والأرض " يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما " أي لمن تاب إليه وأناب وخضع لديه.