والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما من حديث إسرائيل به وقال الترمذي حسن صحيح وهكذا رواه أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما. وكذا رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا بمثل هذا السياق بطوله وهكذا قال الحسن البصري إنه صلى الله عليه وسلم ما شعر بأمرهم حتى أنزل الله تعالى عليه بخبرهم وذكر محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن محمد بن كعب القرظي قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ودعائه إياهم إلى الله عز وجل وإبائهم عليه فذكر القصة بطولها وأورد ذلك الدعاء الحسن " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت أرحم الراحمين وأنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى عدو بعيد يتجهمني أم إلى صديق قريب ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك ولك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك " قال فلما انصرف عنهم بات بنخلة فقرأ تلك الليلة من القرآن فاستمعه الجن من أهل نصيبين وهذا صحيح ولكن قوله إن الجن كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر فإن الجن كان استماعهم في ابتداء الايحاء كما دل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما المذكور وخروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف كان بعد موت عمه وذلك قبل الهجرة بسنة أو سنتين كما قرره ابن إسحاق وغيره والله أعلم وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة " فلما سمعوه قالوا أنصتوا " قال صه وكانوا تسعة أحدهم زوبعة فأنزل الله عز وجل " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين - إلى - ضلال مبين " فهذا مع الأول من رواية ابن عباس رضي الله عنهما يقتضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر بحضورهم في هذه المرة وإنما استمعوا قراءته ثم رجعوا إلى قومهم ثم بعد ذلك وفدوا إليه أرسالا قوما بعد قوم وفوجا بعد فوج كما ستأتي بذلك الاخبار في موضعها والآثار مما سنوردها ههنا إن شاء الله تعالى وبه الثقة. فأما ما رواه البخاري ومسلم جميعا عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن مسعر بن ندام عن معن بن عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سألت مسروقا من آذن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة استمعوا القرآن؟ فقال حدثني أبوك يعني ابن مسعود رضي الله عنه أنه آذنته بهم شجرة فيحتمل أن يكون هذا في المرة الأولى ويكون إثباتا مقدما على نفي ابن عباس رضي الله عنهما ويحتمل أن يكون في الأولى ولكن لم يشعر بهم حال استماعهم حتى آذنته بهم الشجرة أي أعلمته باجتماعهم والله أعلم ويحتمل أن يكون هذا في بعض المرات المتأخرات والله أعلم.
قال الحافظ البيهقي وهذا الذي حكاه ابن عباس رضي الله عنهما إنما هو أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمت حاله وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله عز وجل كما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
" ذكر الروايات عنه بذلك " قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا داود عن الشعبي وابن أبي زائدة أخبرنا داود عن الشعبي عن علقمة قال: قلت لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ فقال ما صحبه منا أحد ولكنا فقدناه ذات ليلة بمكة فقلنا اغتيل؟ استطير؟ ما فعل؟ قال فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح أو قال في السحر إذا نحن به يجئ من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فذكروا له الذي كانوا فيه فقال " إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم " قال فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم قال: قال الشعبي سألوه الزاد قال عامر سألوه بمكة وكانوا من جن الجزيرة فقال " كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما