أما علمت أن لله تعالى يوما يخسر فيه المبطلون؟ قال فما زالت تعرف في المعافري حتى لحق بالله تعالى.
ذكره ابن أبي حاتم ثم قال تعالى " وترى كل أمة جاثية " أي على ركبها من الشدة والعظمة ويقال إن هذا إذا جئ بجهنم فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه حتى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ويقول نفسي نفسي نفسي لا أسألك اليوم إلا نفسي وحتى إن عيسى عليه الصلاة والسلام ليقول لا أسألك اليوم إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني. وقال مجاهد وكعب الأحبار والحسن البصري " كل أمة جاثية " أي على الركب وقال عكرمة جاثية متميزة على ناحيتها وليس على الركب والأول أولى. قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عبد الله بن باباه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم ". وقال إسماعيل بن أبي رافع المدني عن محمد بن كعب عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا في حديث الصور فيتميز الناس وتجثو الأمم وهي التي يقول الله تعالى " وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعي إلى كتابها وهذا فيه جمع بين القولين ولا منافاة والله أعلم. وقوله عز وجل " كل أمة تدعى إلى كتابها " يعني كتاب أعمالها كقوله جل جلاله " ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء " ولهذا قال سبحانه وتعالى " اليوم تجزون ما كنتم تعملون " أي تجازون بأعمالكم خيرها وشرها كقوله عز وجل " ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر * بل الانسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره " ولهذا قال جلت عظمته " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " أي يستحضر جميع أعمالكم من غير زيادة ولا نقص كقوله جل جلاله " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا " وقوله عز وجل " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " أي إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره تكتب الملائكة أعمال العباد ثم تصعد بها إلى السماء فيقابلون الملائكة الذين في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ثم قرأ " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين (30) وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين (31) وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين (32) وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (33) وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين (34) ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون (35) فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين (36) وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (37) يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي آمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة وهي الخالصة الموافقة للشرع فيدخلهم ربهم في رحمته وهي الجنة كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ذلك هو الفوز المبين أي البين الواضح. ثم قال تعالى " وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم " أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عن اتباعها وأعرضتم عن سماعها وكنتم قوما مجرمين في