الأعصم الذي سحره عليه السلام ومع هذا لم يعرض له ولا عاتبه مع قدرته عليه وكذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عن المرأة اليهودية - وهي زينب أخت مرحب اليهودي الخيبري الذي قتله محمود بن سلمة - التي سمت الذراع يوم خيبر - فأخبره الذراع بذلك - فدعاها فاعترفت فقال صلى الله عليه وسلم " ما حملك على ذلك؟ " قالت أردت إن كنت نبيا لم يضرك وإن لم تكن نبيا استرحنا منك فأطلقها عليه الصلاة والسلام ولكن لما مات منه بشر بن البراء رضي الله عنه قتلها به والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجزاء سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (40) ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك ما عذاب أليم (42) ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عز الأمور (43) قوله تبارك وتعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " كقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " وكقوله " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " الآية فشرع العدل وهو القصاص وندب إلى الفضل وهو العفو كقوله جل وعلا " والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له " ولهذا قال ههنا " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " أي لا يضيع ذلك عند الله كما صح ذلك في الحديث " وما زاد الله تعالى عبد ا بعفو إلا عزا " وقوله تعالى " إنه لا يحب الظالمين " أي المعتدين وهو المبتدئ بالسيئة ثم قال جل وعلا " لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم قال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون قال كنت أسأل عن الانتصار " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " فحدثني علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه - قال ابن عون: زعموا أنها كانت تدخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - قالت: قالت أم المؤمنين رضي الله عنها دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش رضي الله عنها فجعل صلى الله عليه وسلم يصنع بيده شيئا فلم يفطن لها فقلت بيده حتى فطنته لها فأمسك وأقبلت زينب رضي الله عنها تفحم لعائشة رضي الله عنها فنهاها فأبت أن تنتهي فقال لعائشة رضي الله عنها " سبيها " فسبتها فغلبتها وانطلقت زينب رضي الله عنها فأتت عليا رضي الله عنه فقالت إن عائشة تقع بكم وتفعل بكم فجاءت فاطمة رضي الله عنها فقال صلى الله عليه وسلم لها " إنها حبة أبيك ورب الكعبة " فانصرفت وقالت لعلي رضي الله عنه إني قلت له صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال لي كذا وكذا قال وجاء علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه في ذلك هكذا أورد هذا السياق وعلي بن زيد بن جدعان يأتي في رواياته بالمنكرات غالبا وهذا فيه نكارة والصحيح خلاف هذا السياق كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث خالد بن سلمة الفأفاء عن عبد الله البهي عن عروة قال: قالت عائشة رضي الله عنها ما علمت حتى دخلت علي زينب بغير إذن وهي غضبى ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر درعها ثم أقبلت علي فأعرضت عنها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم " دونك فانتصري " فأقبلت عليها حتى رأيت ريقها قد يبس في فمها ما ترد علي شيئا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه وهذا لفظ النسائي. وقال البزار حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو غسان حدثنا أبو الأحوص عن أبي حمزة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من دعا على من ظلمه فقد انتصر " ورواه الترمذي من حديث أبي الأحوص عن أبي حمزة واسمه ميمون ثم قال لا نعرفه إلا من حديثه وقد تكلم فيه من قبل حفظه. قوله عز وجل " إنما السبيل " أي إنما الحرج والعنت " على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق " أي يبدؤون