تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ١٢٨
الأعصم الذي سحره عليه السلام ومع هذا لم يعرض له ولا عاتبه مع قدرته عليه وكذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عن المرأة اليهودية - وهي زينب أخت مرحب اليهودي الخيبري الذي قتله محمود بن سلمة - التي سمت الذراع يوم خيبر - فأخبره الذراع بذلك - فدعاها فاعترفت فقال صلى الله عليه وسلم " ما حملك على ذلك؟ " قالت أردت إن كنت نبيا لم يضرك وإن لم تكن نبيا استرحنا منك فأطلقها عليه الصلاة والسلام ولكن لما مات منه بشر بن البراء رضي الله عنه قتلها به والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجزاء سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (40) ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك ما عذاب أليم (42) ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عز الأمور (43) قوله تبارك وتعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " كقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " وكقوله " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " الآية فشرع العدل وهو القصاص وندب إلى الفضل وهو العفو كقوله جل وعلا " والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له " ولهذا قال ههنا " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " أي لا يضيع ذلك عند الله كما صح ذلك في الحديث " وما زاد الله تعالى عبد ا بعفو إلا عزا " وقوله تعالى " إنه لا يحب الظالمين " أي المعتدين وهو المبتدئ بالسيئة ثم قال جل وعلا " لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم قال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون قال كنت أسأل عن الانتصار " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " فحدثني علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه - قال ابن عون: زعموا أنها كانت تدخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - قالت: قالت أم المؤمنين رضي الله عنها دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش رضي الله عنها فجعل صلى الله عليه وسلم يصنع بيده شيئا فلم يفطن لها فقلت بيده حتى فطنته لها فأمسك وأقبلت زينب رضي الله عنها تفحم لعائشة رضي الله عنها فنهاها فأبت أن تنتهي فقال لعائشة رضي الله عنها " سبيها " فسبتها فغلبتها وانطلقت زينب رضي الله عنها فأتت عليا رضي الله عنه فقالت إن عائشة تقع بكم وتفعل بكم فجاءت فاطمة رضي الله عنها فقال صلى الله عليه وسلم لها " إنها حبة أبيك ورب الكعبة " فانصرفت وقالت لعلي رضي الله عنه إني قلت له صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال لي كذا وكذا قال وجاء علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه في ذلك هكذا أورد هذا السياق وعلي بن زيد بن جدعان يأتي في رواياته بالمنكرات غالبا وهذا فيه نكارة والصحيح خلاف هذا السياق كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث خالد بن سلمة الفأفاء عن عبد الله البهي عن عروة قال: قالت عائشة رضي الله عنها ما علمت حتى دخلت علي زينب بغير إذن وهي غضبى ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر درعها ثم أقبلت علي فأعرضت عنها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم " دونك فانتصري " فأقبلت عليها حتى رأيت ريقها قد يبس في فمها ما ترد علي شيئا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه وهذا لفظ النسائي. وقال البزار حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو غسان حدثنا أبو الأحوص عن أبي حمزة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من دعا على من ظلمه فقد انتصر " ورواه الترمذي من حديث أبي الأحوص عن أبي حمزة واسمه ميمون ثم قال لا نعرفه إلا من حديثه وقد تكلم فيه من قبل حفظه. قوله عز وجل " إنما السبيل " أي إنما الحرج والعنت " على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق " أي يبدؤون
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615