الله هزوا وغرتكم الحيوة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون * فلله الحمد رب السماوات ورب الارض رب العالمين * وله الكبريآء فى السماوات والارض وهو العزيز الحكيم) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: قرىء والساعة رفعا ونصبا قال الزجاج من نصب عطف على الوعد ومن رفع فعلى معنى وقيل: الساعة لا ريب فيها قال الأخفش الرفع أجود في المعنى وأكثر في كلام العرب، إذا جاء بعد خبر إن لأنه كلام مستقل بنفسه بعد مجيء الكلام الأول بتمامه.
المسألة الثانية: حكى الله تعالى عن الكفار أنهم إذا قيل إن وعد الله بالثواب والعقاب حق وإن الساعة آتية لا ريب فيها قالوا ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين.
أقول الأغلب على الظن أن القوم كانوا في هذه المسألة على قولين منهم من كان قاطعا بنفي البعث والقيامة، وهم الذين ذكرهم الله في الآية المتقدمة بقوله * (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا) * (الجاثية: 24) ومنهم من كان شاكا متحيرا فيه، لأنهم لكثرة ما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكثرة ما سمعوه من دلائل القول بصحبته صاروا شاكين فيه وهم الذين أرادهم الله بهذه الآية، والذي يدل عليه أنه تعالى حكى مذهب أولئك القاطعين، ثم أتبعه بحكاية قول هؤلاء فوجب كون هؤلاء مغايرين للفريق الأول.
ثم قال تعالى: * (وبدا لهم) * أي في الآخرة * (سيئات ما عملوا) * وقد كانوا من قبل يعدونها حسنات فصار ذلك أول خسرانهم * (وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) * وهذا كالدليل على أن هذه الفرقة لما قالوا * (إن تظن إلا ظنا) * إنما ذكروه على سبيل الاستهزاء والسخرية، وعلى هذا الوجه فهذا الفريق شر من الفريق الأول، لأن الأولين كانوا منكرين وما كانوا مستهزئين، وهذا الفريق ضموا إلى الإصرار على الإنكار الاستهزاء.
ثم قال تعالى: * (وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا) * وفي تفسير هذا النسيان وجهان الأول: نترككم في العذاب كما تركتم الطاعة التي هي الزاد ليوم المعاد الثاني: نجعلكم بمنزلة الشيء المنسي غير المبالي به، كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم ولم تلتفتوا إليه بل جعلتموه كالشئ الذي يطرح نسيا منسيا، فجمع الله تعالى عليهم من وجوه العذاب الشديد ثلاثة أشياء فأولها: قطع رحمة الله تعالى عنهم بالكلية وثانيها: أنه يصير مأواهم النار (وثالثها) أن لا يحصل لهم أجر من الأعوان