ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا غضبان أن لا نلد البنينا ليس لنا من أمرنا ماشينا وإنما نأخذ ما أعطينا وقوله * (ظل) * أي صار، كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة، قال صاحب " الكشاف ": قرىء مسود مسواد، والتقدير وهو مسود، فتقع هذه الجملة موقع الخبر والثاني: قوله * (أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) * وفيه مسائل: المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ينشؤ بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين على ما لم يسم فاعله، أي يربى، والباقون ينشأ، بضم الياء وسكون النون وفتح الشين، قال صاحب " الكشاف ": وقرئ يناشأ، قال ونظير المناشأة بمعنى الإنشاء، المغالاة بمعنى الإغلاء.
المسألة الثانية: المراد من قوله * (أو من ينشأ في الحلية) * التنبيه على نقصانها، وهو أن الذي يربى في الحلية يكون ناقص الذات، لأنه لولا نقصان في ذاتها لما احتاجت إلى تزيين نفسها بالحلية، ثم بين نقصان حالها بطريق آخر، وهو قوله * (وهو في الخصام غير مبين) * يعني أنها إذا احتاجت المخاصمة والمنازعة عجزت وكانت غير مبين، وذلك لضعف لسانها وقلة عقلها وبلادة طبعها، ويقال قلما تكلمت امرأة فأرادت أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بما كان حجة عليها، فهذه الوجوه دالة على كمال نقصها، فكيف يجوز إضافتهن بالولدية إليه!.
المسألة الثالثة: دلت الآية على أن التحلي مباح للنساء، وأنه حرام للرجال، لأنه تعالى جعل ذلك من المعايب وموجبات النقصان، وإقدام الرجل عليه يكون إلقاء لنفسه في الذل وذلك حرام، لقوله عليه السلام: " ليس للمؤمن أن يذل نفسه " وإنما زينة الرجل الصبر على طاعة الله، والتزين بزينة التقوى، قال الشافعي:
تدرعت يوما للقنوع حصينة * أصون بها عرضي أو جعلها ذخرا ولم أحذر الدهر الخئون وإنما * قصاراه أن يرمي بي الموت والفقرا فأعددت للموت الإله وعفوه * وأعددت للفقر التجلد والصبرا ثم قال تعالى: * (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: المراد بقوله: * (جعلوا) *، أي حكموا به، ثم قال: * (أشهدوا خلقهم) * وهذا استفهام على سبيل الإنكار، يعني أنهم لم يشهدوا خلقهم، وهذا مما لا سبيل إلى معرفته بالدلائل العقلية، وأما الدلائل النقلية فكلها مفرعة على إثبات النبوة، وهؤلاء الكفار منكرون للنبوة، فلا سبيل لهم إلى إثبات هذا المطلوب بالدلائل النقلية، فثبت أنهم ذكروا هذه الدعوى من غير أن عرفوه لا بضرورة ولا بدليل، ثم إنه تعالى هددهم فقال: * (ستكتب شهادتهم ويسألون) * وهذا يدل على أن القول بغير دليل منكر، وأن التقليد يوجب الذم العظيم والعقاب الشديد.
قال أهل