عليها الحروف المثبتة (1) في أوائل السور، وكذلك النصف من الحروف التي ليست بحروف الحلق.
وكذلك تنقسم هذه الحروف إلى قسمين آخرين: أحدهما حروف غير شديدة، وإلى الحروف الشديدة، وهي التي تمنع الصوت أن يجرى فيه، وهي الهمزة، والقاف، والكاف، والجيم، والظاء، والذال، والطاء، والباء (2).
وقد علمنا أن نصف هذه الحروف أيضا هي مذكورة في جملة تلك الحروف التي بنى عليها تلك السور.
ومن ذلك الحروف المطبقة، وهي أربعة أحرف، وما سواها منفتحة.
فالمطبقة: الطاء، والظاء، والصاد، والضاد.
/ وقد علمنا أن نصف هذه [الحروف] في جملة الحروف المبدوء بها في أوائل السور.
وإذا كان القوم - الذين قسموا في الحروف هذه الأقسام لأغراض لهم في ترتيب العربية، وتنزيلها بعد الزمان الطويل من عهد النبي صلى الله عليه وسلم - رأوا مباني اللسان على هذه الجهة، وقد نبه بما ذكر في أوائل السور على ما لم يذكر، على حد التنصيف الذي وصفنا - دل على أن وقوعها الموقع الذي يقع التواضع عليه - بعد العهد الطويل - لا يجوز أن يقع إلا من الله عز وجل، لان ذلك يجرى مجرى علم الغيوب.
وإن كان إنما تنبهوا على ما بنى عليه اللسان في أصله، ولم يكن لهم في التقسيم (3) شئ، وإنما التأثير لمن وضع أصل اللسان، فذلك أيضا من البديع الذي يدل على أن أصل وضعه وقع موقع الحكمة التي يقصر عنها اللسان.
فإن كان أصل اللغة توقيفا فالامر في ذلك أبين. وإن كان على سبيل التواضع فهو عجيب أيضا، لأنه لا يصح أن تجتمع هممهم المختلفة على نحو هذا إلا بأمر من عند الله تعالى. وكل ذلك يوجب إثبات الحكمة في ذكر هذه الحروف على حد يتعلق به الاعجاز من وجه.