بيتان فصاعدا. وإلى ذلك ذهب أكثر أهل صناعة العربية من أهل الاسلام.
وقالوا أيضا: إن ما كان على وزن بيتين، إلا أنه يختلف وزنهما أو قافيتهما (1) - فليس بشعر.
/ ثم منهم من قال: إن الرجز ليس بشعر أصلا، لا سيما إذا كان مشطورا أو منهوكا. وكذلك ما كان يقاربه (2) في قلة الاجزاء. وعلى هذا يسقط السؤال.
ثم يقولون: إن الشعر إنما يطلق، متى قصد القاصد إليه - على الطريق الذي يعتمد ويسلك، ولا يصح أن يتفق مثله إلا من الشعراء، دون ما يستوي فيه العامي والجاهل، والعالم بالشعر واللسان وتصرفه وما يتفق من كل واحد، فليس يكتسب اسم الشعر ولا صاحبه اسم شاعر، لأنه لو صح أن يسمى كل من اعترض في كلامه ألفاظ تتزن بوزن الشعر، أو تنتظم انتظام بعض الأعاريض، كان الناس كلهم شعراء، لان كل متكلم لا ينفك من أن يعرض في جملة كلام كثير يقوله، ما قد يتزن بوزن الشعر وينتظم انتظامه.
ألا ترى أن العامي قد يقول لصاحبه: " أغلق الباب وائتني بالطعام ".
ويقول الرجل لأصحابه " أكرموا من لقيتم من تميم "؟ ومتى تتبع الانسان هذا [النحو] عرف أنه يكثر في تضاعيف الكلام مثله وأكثر منه (3).
/ وهذا القدر الذي يصح فيه التوارد، ليس يعده أهل الصناعة سرقة، إذا لم تعلم فيه حقيقة الاخذ. كقول امرئ القيس:
وقوفا بها صحبي على مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتجمل (4)